افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
لم تكتفِ واشنطن بكل الخراب الذي نشرته في سورية، والتدمير الذي أحدثته، ولم يرتوِ المحافظون الجدد في إدارة البيت الأبيض والخارجية الأميركية، وأصحاب الرؤوس الصهيونية الحامية في “البنتاغون والسي آي إيه”، من دماء الأبرياء في الجزيرة والشمال والجنوب، وفي كل قرية ومزرعة ومدينة سورية.
ولم تُشبع مشاهد الفوضى الهدّامة التي ابتدعوها تحت مسمى “الخلاقة” نهمهم، فعزموا على المضي بسياساتهم الاستعمارية رغم كل الفشل الذي حصدوه، وقرر “البنتاغون” مواصلة دعم الإرهاب، وتخصيص (542) مليون دولار من ميزانيته لعام 2023، لما سمّاه “برامج تدريبية” لأداتهم “قسد” الانفصالية، وقسم من المبلغ لما زعموا أنه للجيش العراقي لتدريبه، لذر الرماد في عيون العراقيين.
مئات الملايين من الدولارات إذاً تضخّها واشنطن في عروق الإرهاب من جديد، لتعيد تدوير تنظيماته المتطرفة بعد أن لفظها الشعب السوري ودحرها من معظم جغرافيته، وتتحدث علناً عن استمرار هذا الدعم في عام 2023، أي إنها ماضية لسنوات أخرى على دروب دعم الإرهاب، وتدمير القرى والمدن السورية بحمولات طائراتها القاتلة، وقتل الأبرياء، وحرق قمحهم وسرقة نفطهم، ثم تأتي لتتحدث عن إستراتيجيات “التدريب والتجهيز ومكافحة الإرهاب ومساعدة السوريين”، علها تضحك على أحد في هذا العالم.
مئات الملايين ليس لتقديم المساعدات الغذائية للسوريين، ولا للسماح بدخول الأدوية إلى من قطعتها واشنطن عنهم بفعل إرهاب “قيصر”، بل لدعم ميليشياتها الانفصالية وتنظيماتها المتطرفة لارتكاب كل جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية بحق الشعب السوري، من تعطيش وتهجير وقتل وخطف وكل موبقات الحروب.
نصف مليار دولار إضافي وأكثر لدعم الإرهاب ومازال المتاجرون بمأساة السوريين في البيت الأبيض والخارجية الأميركية يرفعون شعارات “العدالة الدولية والحرية وحقوق الإنسان” وهم الذين يدوسون عليها كل لحظة، نصف مليار دولار وأكثر من أجل المضي بمخططات الاحتلال والتقسيم والتفتيت للجغرافيا السورية، وسرقة ثرواتها، وتهجير أهلها، وكل ذلك تحت عباءات “الإنسانية”.
ولعل المفارقة الأكثر من صارخة في إستراتيجية “البنتاغون” هذه أنها تروّج لمقولة مزيفة مفادها أن برامج “التدريب والتجهيز” المذكورة تأتي في إطار مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق، رغم أنهم من أسس التنظيم المتطرف ورعوه واستثمروه وحفظوه في “رموش” أعينهم ونقلوا عناصره في حوّاماتهم وطائراتهم.