الثورة – ترجمة غادة سلامة:
يقول جون ميرشايمر وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكا: يعتقد العالم السياسي أن التوسع المتهور لحلف شمال الأطلسي أثار روسيا، وإن فهم أسباب الحرب الجذرية أمر ضروري إذا أردنا منعها من أن تزداد سوءًا، لأن الغرب، وخاصة أمريكا مسؤولين بشكل أساسي عن الأزمة التي بدأت في فبراير شباط 2014، من الممكن أن تتحول إلى حرب كبيرة ، ومن الممكن أيضًا أن يجر التصعيد إلى حرب نووية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
بدأت المشاكل المتعلقة بأوكرانيا بالفعل في قمة الناتو التي عقدت في بوخارست في نيسان 2008 ، عندما دفعت إدارة جورج دبليو بوش الحلف إلى إعلان أن أوكرانيا وجورجيا “ستصبحان عضوين في الحلف”. رد القادة الروس على الفور بالغضب، ووصفوا هذا القرار بأنه تهديد وجودي لروسيا وتعهدوا بإحباطه، وحذروا من أنه “إذا انضمت أوكرانيا إلى الناتو، فإنها ستضم شبه جزيرة القرم والمناطق الشرقية.
تجاهلت أمريكا الخط الأحمر لموسكو، ودفعت إلى الأمام لجعل أوكرانيا حصنًا غربيًا على حدود روسيا. تضمنت تلك الاستراتيجية عنصرين آخرين: تقريب أوكرانيا من الاتحاد الأوروبي وجعلها موالية لأمريكا.
أدت هذه الجهود في نهاية المطاف إلى اندلاع الأعمال العدائية في شباط 2014، بعد أعمال عدائية (دعمتها أمريكا) تسببت في فرار الرئيس الأوكراني، فيكتور يانوكوفيتش من البلاد.
جاءت المواجهة الرئيسية التالية في كانون أول 2021 وأدت مباشرة إلى الحرب الحالية. كان السبب الرئيسي هو أن أوكرانيا أصبحت بحكم الواقع عضوًا في الناتو. بدأت العملية في كانون أول 2017، عندما قررت إدارة ترامب بيع كييف “أسلحة، حيث بدت هذه الأسلحة بالتأكيد مؤذية لموسكو في منطقة دونباس.
كما انخرط حلف الناتو والدول المنضمة لهذا الحلف، وشحنت أسلحة إلى أوكرانيا، ودربت قواتها، وسمحت لها بالمشاركة في التدريبات الجوية والبحرية المشتركة.
في حزيران2021، استضافت أوكرانيا وأمريكا تدريبات بحرية كبيرة في منطقة البحر الأسود شاركت فيها قوات بحرية من 32 دولة. وكادت عملية نسيم البحر أن تستفز روسيا لإطلاق النار على مدمرة تابعة للبحرية البريطانية دخلت عمداً لمياه روسيا الإقليمية.
استمرت الروابط بين أوكرانيا وأمريكا في النمو في ظل إدارة بايدن. حيث انعكس هذا الالتزام في وثيقة مهمة – ” ميثاق الولايات المتحدة وأوكرانيا حول الشراكة الاستراتيجية” – التي تم التوقيع عليها في تشرين الثاني من قبل أنتوني بلينكين، وزير خارجية أمريكا، ونظيره الأوكراني دميترو كوليبا. كان الهدف هو “التأكيد على التزام أوكرانيا بتنفيذ التعليمات الشاملة اللازمة للاندماج الكامل في المؤسسات الأوروبية والأوروبية الأطلسية.” وتعتمد الوثيقة بشكل صريح على “الالتزامات التي تم التعهد بها لتقوية أوكرانيا والولايات المتحدة، والتأكيد على.ذلك بـ” إعلان قمة بوخارست لعام 2008 “.
ووجدت موسكو أن هذا الوضع الذي آلت إليه الأمور بين واشنطن وأوكرانيا أصبح لا يطاق وبدأت في تعبئة جيشها على حدود أوكرانيا في الربيع الماضي للإشارة إلى عزمها على الفعل. لكن لم يكن لذلك أي تأثير على واشنطن، حيث واصلت إدارة بايدن الاقتراب من أوكرانيا. أدى ذلك إلى تعجيل روسيا بمواجهة دبلوماسية كاملة في كانون أول.
وكما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “لقد وصلنا إلى نقطة الغليان”. طالبت روسيا بضمانة خطية بأن أوكرانيا لن تصبح أبدًا جزءًا من الناتو وأن يزيل الحلف الأصول العسكرية التي كان قد نشرها في أوروبا الشرقية منذ عام 1997.
فشلت المفاوضات اللاحقة، كما أوضح بلينكين: “لا يوجد تغيير، لن يكون هناك تغيير “، الأمر الذي دفع روسيا للقيام بعمل عسكري للقضاء على تهديد الناتو.
يتعارض هذا التفسير للأحداث مع المانترا السائدة في الغرب، والتي تصور توسع الناتو على أنه لا علاقة له بالأزمة الأوكرانية، والقضية المطروحة لا تتعلق بما يقوله القادة الغربيون عن أهداف الناتو أو نواياه؛ هذه هي الطريقة التي ترى بها موسكو تصرفات الناتو المعادية.
خاصة بأن القادة الروس صرحوا مرارًا وتكرارًا إنهم ينظرون إلى انضمام أوكرانيا إلى الناتو باعتباره تهديدًا وجوديًا يجب منعه كما أشار لافروف في كانون الثاني، “مفتاح كل شيء هو ضمان ذلك.. الناتو لن يتوسع شرقا “.