يبدو أن كل ما يكتب في وسائل إعلامنا الوطنية، وكل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ما يطرح في اللقاءات والاجتماعات الحزبية والرسمية، عن ارتفاع الأسعار وفوضى الأسواق والواقع القاسي الذي تعيشه معظم الأسر السورية بسبب ذلك وغيره، لم ولن يخفّض سعر سلعة واحدة في هذه الأسواق لأن الجهات المعنية بالرقابة مازالت تتعامل مع النتائج عبر تنظيم الضبوط وتحصيل الغرامات، والإحالة الى القضاء حسب نوع المخالفة المضبوطة، تاركة مهمة معالجة الأسباب التي أدت وتؤدي الى هذا الواقع لغيرها.
في ضوء ما ذكرناه نجد أن زيادة عدد الضبوط بحق من يتم ضبط مخالفاتهم بناء على شكاوى أو بناء على جولات، يؤدي الى زيادة في الأسعار وفِي الاحتكار لتعويض ما دفعه هذا المخالف أو ذاك في ظل تغاضٍ(شبه متفق عليه ) من الجهات الرقابية التي نظمت الضبوط، واستسلام للواقع مع أحاديث واتهامات مخفية من الجهات الشعبية، وانتظار للمعالجة الجذرية من دون جدوى حتى الآن من الجهات الحريصة والوطنية.
إن ضعف دخل أغلب المواطنين وقلة رواتب وأجور وتعويضات العاملين في الدولة لدرجة العدم مقارنة بما نشهده من زيادات يومية في الأسعار لأسباب تعود لارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الوطني وندرة الكهرباء والمازوت بشكل خاص والمحروقات بشكل عام وارتفاع تكاليف توريد المستوردات نتيجة ارتفاع الأسعار عالمياً واستمرار الحصار والعقوبات الجائرة على بلدنا، كل ذلك وغيره أنعش السوق السوداء، وجعل الكثيرين يبحثون عن خلاصهم الفردي، ويعملون تحت شعارات غير أخلاقية تسيء لهم ولمجتمعهم؟ منها(اللهم اسألك نفسي-أنا ومن بعدي الطوفان- مئة أم تبكي وأمي ما تبكي..الخ)وتحوّل كل واحد تقريباً الى مستغَل ومستغِل..راشٍ ومرتشٍ..آكل ومأكول..!!
والأمر الخطر الذي ينذر بالأسوأ أن من يملكون القرار في الجهات الحزبية والتنفيذية لايتحركون كما يجب للبحث الجاد عن الحلول الأنسب لما وصلنا اليه من خلال توسيع دائرة القرار عبر ورشات عمل وغيرها، لابل إنهم يزيدون الطين بلة في الكثير من القرارات التي يتخذونها سواء في مجال إعفاء وتعيين الإدارات المتسلسلة بعيداً عن مشروع الإصلاح الإداري، أو مجال تشجيع ودعم الإنتاج الوطني بعيداً عن التنظير، أو مجال الاقتصاد الوطني بعيداً عن المختصين الغيورين..الخ
إن هؤلاء ويا للأسف لم يستفيدوا من دروس الأزمة وتداعياتها حتى الآن ونخشى أنهم لن يستفيدوا لأسباب ذاتية تتعلق بهم أكثر منها موضوعية تتعلق بالظروف.
على الملأ- هيثم يحيى محمد