ينشغل صناع الدراما على مدى شهور السنة وأيامها بالعمل من أجل موسم رمضاني يسعون فيه ليكون متنوعاً ويشمل فنون الدراما جميعها” الاجتماعية، والتاريخية الجادة منها والكوميدية” وبالطبع هذا يتطلب التفكير طويلاً في اختيار النصوص الملائمة للمشاهد وتطلعاته وحسن توقعاته.
وبديهي أن نعلم أن العمل الدرامي هو نتاج جهود جماعية متكاملة، وأن كتابة النص الدرامي تحتاج جهداً وثقافة ومخيلة تجعل من ترجمته بصرياً أمراً واقعاً يتقبله الجمهور، ولكن للأسف أننا نفتقد في بلدنا للاختصاص الدراسي المعني بكتابة السيناريو التلفزيوني، لذا فالنصوص في بعضها الأعم هي اجتهادات ومحاولات، لتأتي أحياناً غير مقنعة للمشاهد الذي خبر معنى أن تكون الأعمال الدرامية على سوية عالية أم هي تملأ ساعات المشاهد بما لا يغني ولا يسمن من جوع.
ولابدّ في هذه العجالة أن نثمن عالياً الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل النهوض بالدراما السورية، ولكن هذا لا يعفي صناع الدراما من مسؤولياتهم في تقديم وجبات درامية تليق بفكر المشاهد وعقله، بعيداً عن التغريد خارج السرب، وخارج القيم والعادات التي تضبط مجتمعاتنا العربية.
نحن نعترف أننا لسنا في المدينة الفاضلة، ولكن ليس الفساد على سعة انتشاره هو الذي يشكّل بنية المجتمع، وليست بيئتنا جميعها تخرج عن العرف في علاقاتها، وليست المادية وحدها هي شريعة الناس، فإن كان لابدّ من تسليط الضوء على السلبيات وفضح التجاوزات، فمن العدالة أن نظهر الجوانب الايجابية التي مازالت تنتصر على الشرّ وصناعه.
فحري أن تنبع الكتابة الدرامية من الحقيقة، وأن تكون الأحداث قريبة من الواقع وتلامس هموم الناس وتكون لسان حالهم، وخصوصاً أن الدراما التلفزيونية، هي دراما عائلية، يشاهدها أفراد العائلة جميعهم، فلنمنح هذا الجيل نماذج إيجابية تكون قدوتهم في مسيرة حياتهم، ونمنحهم الثقة بمجتمعهم للعمل من أجل تطوره وتقدّمه.
ربما يسعى المخرج وكاتب النص إلى عنصر التشويق والإثارة لجذب المشاهد، ولكن من الخطأ أن يكونا هما الهدف الأول من النص، بل يجب أن تنتصر رسالة العمل ومقولته الأعمق.
رؤية- فاتن أحمد دعبول