في القضايا الصغرى والمحلية حين يكون الكذب المستمر سيد الموقف كما يحصل من بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، فإن كذبه لاشك سينسحب ويستمر في قضايا كبرى تحصل من حروب وأزمات، ويكون الكذب في القضايا الكبرى أدهى وأمر مقارنة بالقضايا الصغرى.
جونسون لم يشعر بالارتباك بعدما تم تصويره وهو يكذب على والد طفلة مريضة واجهه بغضب خلال زيارته لمستشفى، وافتخر بذلك على نحو تم توثيقه في تسجيل فيديو، وفيه برز كذب جونسون بشكل واضح وفاضح.
زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي جو سوينسون، تتهم جونسون بالكذب والتضليل في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبسخرية عقبت زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي على نفي جونسون تلك الادعاءات، وقالت “أقيل مرتين بسبب الكذب، لذا، عندما يصرح بأنه لم يكذب أبداً، فإنه يكذب بكل تأكيد”.
جونسون كذب أيضاً حول إعطاء حكومته أولوية إجلاء الحيوانات من ملجأ بأفغانستان خلال جسر جوي في آب الماضي،
وفضحته رسالة بريد إلكتروني كشفت أن جونسون تدخل شخصياً أثناء عملية الإجلاء من كابل لمساعدة الحيوانات، وهو أمر أصر في السابق على أنه لم يحدث.
وفي كل استطلاع للرأي يصف غالبية الناخبين البريطانيين جونسون بالكاذب، واليوم يطالب نواب البرلمان البريطاني بإجراء تحقيق برلماني مع جونسون بتهمة الكذب والتضليل في خرقه قيود مكافحة فيروس كورونا بحضور تجمعات غير قانونية أثناء الجائحة، وهي جريمة تستوجب تاريخياً الاستقالة إذا ثبتت.
باختصار هذه شخصية جونسون في الداخل البريطاني، شخصية فارغة تتربع على سدة الحكم، وتكذب محلياً، وهي اليوم رأس الحربة في الحرب الدائرة في أوكرانيا، شخصية مركبة تكذب على الرأي العام وعلى روسيا وعلى مواطنيها.
جونسون كذب في الحرب على مواطنيه، وزج بهم في أتون الحريق، وراح يتباكى عليهم ويطلب الرحمة من موسكو لمواطنه
المحتجز في مدينة ماريوبول الأوكرانية حيث خاض القتال في صفوف قوات نظام كييف.
جونسون كذب في كل تصريحاته حول الأزمة في أوكرانيا قبل وبعد الحرب التي اندلعت بعد قيام موسكو بالعملية العسكرية لحماية دونباس، وكذبه أجج النار ودفع مواطنيه لدخول أوكرانيا والقتال، والوقوع في الأسر، وكعادته وعادة حكومته والحكومات الغربية يتنصلون من رعاياهم الذين وقعوا في فخ أكاذيبهم، وباتوا ضحية الدعاية البريطانية، وتوجهوا إلى مصير مجهول وأفعال يقترفونها بقتل الأبرياء تحت ذرائع الدفاع عن ديمقراطيات تحكمها دمى تتحرك بتوجيهات حكوماتهم الغربية.
اللافت ما قالته الخارجية الروسية على لسان المتحدثة ماريا زاخاروفا لجونسون ونظرائه الغربيين “لا تقلقوا لأن الجانب الروسي يراعيهم، ويمدهم بالغذاء والماء والدعم المطلوب، وكذلك الأجانب الآخرين الذين استسلموا أو أسروا”.
القوات الروسية على مسرح الأحداث ملتزمة بالقانون الإنساني الدولي خلافاً عن المسلحين الأوكرانيين والمرتزقة الذين يعدمون أسراهم رمياً بالرصاص بطريقة غير إنسانية ويسيؤون للمدنيين، وهو أمر وثَّقته موسكو، وبالفعل ليس بوسع جونسون سوى التوقف عن الكذب، والعمل بالنصيحة الروسية التي تقول على “السلطات البريطانية إبداء الرحمة التي تحدث عنها جونسون إزاء مواطني أوكرانيا، والكف عن إمداد نظام كييف بالأسلحة، كلما زادت صادرات الأسلحة من لندن إلى أوكرانيا كلما زاد عدد مواطني هذا البلد الذين يقتلون، غير أن (بي بي سي) لن تكشف ذلك للبريطانيين”.