الملحق الثقافي:نبوغ أسعد:
الشاعر الراحل مروان الخاطر من القليلين جداً الذين تمسكوا بشرف العاطفة والانتماء وهموم الوطن ومواجهة التردي والهوان .. هذه السمات الوجدانية تحمل كثيراً من الحزن والألم والمعاناة النفسية لما تحمله روح الشاعر و التي جاءت في مجموعته الشعرية الأخيرة ..التي صدرت بعد رحيله لم تأت عن عبث وبعيدة عن التصنع والتزيف وحب الذات ،وما جاء فيها يأخذنا لنكتشف أن هذا الشاعر قرأ التراث الشعري والأدبي وعرف الأصالة العربية بمختلف ثقافاتها وهذه أمور تدل على أن سبب الاهتمام بها، هو امتلاك موهبة حقيقية وعفوية ..وإنني ما أكتبه ليس معرفة أولى بكتابات هذا الشاعر ولكنني تابعت كثيراً من كتاباته المنشورة وقرأتها بشغف وكتبت عنها، فهو الذي يشعر القارئ أنه يحمل همه ويلمس جرحه ..ويحاكي مواجعه الداخلية المشحونة بكل مشاعر الأسى وها هو مروان الخاطر يجسد كل الأوجاع من خلال وجعه الكبير، وهو يرثي أغلى ما عنده حتى فاضت روحه النبيلة ..فيقول لفلذة كبده ابنته إلهام : إلهام يا بنتي التي غيابها فوق احتمال الروح للغياب لا تحزني على رحيل دونما إياب تشبثي باللحد فالتراب أرحم من عالمنا المهين إياكي والحنين لهذه الحياة مامتي أنت نحن في حياتنا الموات في أحسن الحالات .. عندما يكون الشاعر مطبوعاً بموهبة فيها القدرات الحقيقية على التعاطي مع النص الذي يأخذه ليكتبه بقوة العاطفة نجد أن الطرح غير تقليدي وأن الموسيقا غير تقليدية وأن اللهفة تأتي بشغف عفوية الحضور واختيار المكان هكذا جاء النص .. وبرغم القدرة على الريادة في كتابة القصيدة وعلى رفع الجبين بسبب المواضيع التي تنتقيها النفس الشاعرة ..هناك ثوابت أكبر بكثير من الشعر والكتابة والأدب فهو يقر بها باصماً من خلال قوله : حين تختلط الرؤى : ما سوف أصنع بالقصائد ؟ هل ينام الشعر تحت سواعد الشهداء ؟ أم يمضي لمقبرة تشاد له وأن مجازر الشعراء .. قادمة مع السياح والوسطاء .. وعبر كل مكونات الشعر المعقدة يفرض خياله ونبض قلبه المتيم بعشق الوطن ومواجعه، ونتاج عقله فكم عدد الشعراء الذين ظلوا يقولون كقولك يا مروان .. ما سوف أصنع بالكتاب المدرسي إذا اشتكى وإذا بكى والدمع من عيني أجرته الصحيفة والإذاعة كيف أرسم للصغير .. خريطة الوطن الكبير.. إذا تساءل عن فلسطين التي في القلب كانت .. ولا يخفى على أحد أنه من أهم ما عرف به الشعر أنه من المفترض أن يكون في قمة المعرفة والشعور ..فالشاعر يدرك ما يهدد أمنه ووطنه وبلده ..يقول : ودعي المشايخ ينسجون عباءة التطبيع بين الطبع والتطبيع ما بين الذئاب وبين مسكنة القطيع .. فكيف تختلط الأمور .. لا تخرج أبداً نصوص المجموعة الباقية وبكاملها عن حركة الروح متمسكة بالوفاء الكبير إلى الوطن ولا يتراجع مستوى العاطفة والموسيقا في المجموعة التي نشرتها دار الفكر بعنوان مراثي الروح بعد رحيل الشاعر الكبير مروان الخاطر ..وهذا أيضاً انتماء آخر يجعلنا ننساق لما في باقي المجموعة من قصائد هيجت أشجاننا وأبكت مآقي العيون.
التاريخ:الثلاثاء10-5-2022
رقم العدد :1094