إيهاب زكي – كاتب فلسطيني:
لا يمكن النظر في زيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران، بعيداً عن اللهجة القاسية التي تحدث بها السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، والتي حذر فيها الكيان المؤقت، عواقب استهدافه، وحذر السيد نصر الله الكيان المؤقت بردٍ سريعٍ ومباشر، وبما أنّ السيد نصر الله لم يحدد ساحةً معينةً للاستهداف، تصبح كل الاحتمالات واردة، خصوصاً أنّ اللقاء تم بين بلدين عدوين للكيان المؤقت، وعلى تماسٍ مباشرٍ معه.
ولا يمكن في هذا السياق تفويت تصريح الرئيس الأسد، حين اعتبر أنّ التحالف السوري الإيراني، كان المانع لسيطرة الكيان المؤقت على المنطقة، كما أنّ هذا التصريح يشي بأنّ هذه العلاقات راسخة وثابتة وستتطور، حيث أنّها أثبتت نجاعة مفرطة في منع السيطرة الصهيونية على المنطقة.
وقد تصبح الزيارة أكثر خطورة في نظر العدو الصهيوني، إذا نظر إليها في إطار الحرب الإقليمية التي أعلن عنها السيد نصر الله، حيث إنّ حرباً إقليمية لا يمكن أن تكون إقليمية دون سورية أو إيران، إحداهما أو كلاهما، فالحرب مثلاً مع لبنان أو مع غزة انفراداً أو جماعةً، لا يمكن تسميتها بالإقليمية بأيّ حالٍ من الأحوال.
وهذه النظرة ليست مقتصرة على الكيان المؤقت، بل قد تشمل الولايات المتحدة، حيث إنّها تدرك أنّ محور القدس قد أعلن أنّ استراتيجيته هي إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، وقد ترى في هذه الزيارة أحد الخطوات في تلك الاستراتيجية، حيث تُعتبر القواعد الأمريكية في سورية أحد مظاهر ذلك الوجود.
يذهب المنهزمون إلى الدرك الأسفل من التحليل، حين يعتبرون هذه الزيارة هي أحد الأوراق الإيرانية في مفاوضات فيينا، فهؤلاء لا يستطيعون من دركهم رؤية الواقع على حقيقته، بل يغرقون في الظلمات، ويظنوها الحقيقة الوحيدة والمطلقة، فلا سورية انتصرت ولا إيران تعاظمت، ولا محور القدس أصبح حقيقة صلبة، ولا أمريكا تراجعت ولا”إسرائيل” وهنت.
أو يذهبون من شدة الفراغ الذي يعيشون فيه ويتعايشون معه، للنظر في خلفية الصورة التي جمعت الرئيس الأسد والمرشد الأعلى، وأنّها لا تحتوي علماً سورياً، ثم يعتبرون هذه الصورة دلالة على الاحتلال الإيراني، وقد يكون الأمر متفهماً في منشورٍ”فيسبوكي” لجاهلٍ أو موتور مغيّب، ولكن أن يتصدر الصحف والجرائد، فهذا تدليسٌ شديد البلاهة، حيث تعرف هذه الصحف أنّ هذا هو البروتوكول الإيراني حين الاجتماع بالمرشد الأعلى، بخلاف اللقاءات مع الرئيس الإيراني، لكنها اللعنة التي تصيب كل المهزومين على مرّ العصور، حيث يُصابون باللوثة التي قد تودي بهم إلى الانتحار أحياناً.
وبعيداً عن لوثات المهزومين، فإنّ هذه الزيارة هي جزء من استراتيجية متكاملة، وجزء من عملٍ مضنٍ وتضحياتٍ سخية، عملت عليها أطراف احترفت رفع الإصبع في الوجه الأمريكي، فتحالفت وتماسكت حد انبلاج محور القدس، الذي نستطيع أن نقول دون تردد، أنّه جعل من بقائنا تحت الشمس ممكناً بل واقعاً، ووضع الوجود الأمريكي في منطقتنا على حافة الغروب، وجعل الكيان المؤقت في عين الزوال.