في مسلسل (الغفران)، نص الكاتب حسن سامي يوسف، تقول البطلة “عزة” أثناء نقاش مع حبيبها: “كيف نطلب من شخص ظروفه سيئة أن يكون شخصاً جيداً”.
في عملٍ آخر يعترف أحد أبطاله أنه أحب إحداهن لمجرد أن الطقس كان ظريفاً وجميلاً وبالطبع يأتي اعترافه هذا بعد أن يكون أنهى حبه لها.
كلا الموقفين يجعل من الظروف غلافاً محيطاً بنا وبكل ما يخصّنا.. ويزيدان على ذلك فيجعلان منها السبب والدافع الحقيقي لكثير من أفعالنا وسلوكياتنا اليومية..
ما مقدار حريتنا الفعلية في كل تصرفاتنا وأفعالنا..؟
وإن كنا قادرين، حقاً، على عزل خياراتنا عمّا يحيط بها من ظروف، هل نمتلك حينها صورة واضحة عن (ذواتنا) المخبّأة في أوقاتٍ كثيرة، تحت قشة (المحيط، والظروف، والآخر)..؟
طيف لأفكار كثيرة.. يلاحقك في كل مرّة تكون أمام اتخاذ قرار لا يُشبِهك..
ولن تعي حقيقة اختلافك عنه إلا بعد مرور زمن..
فماذا عن الزمان والمكان المرافقين تماماً لوجودنا..؟
معظم أفعالنا وقراراتنا تختلف باختلاف صيغة (الزمان والمكان) اللذين أفرزاها.
الظروف (الزمكانية) تولّد لدينا إحساساً بالأشياء وشعوراً بما حولنا..
ومن المتوقع على رأي “أنطونيو داماسيو” المختص في علم الأعصاب، أن تكون “المشاعر مساهماً في خلق (ذات)”..
لكن ما مدى حقيقة المشاعر وفقاً “للزمان والمكان والآخر” الذين شاركوا جميعاً بإنشائها..؟
والأهم ما مدى حضور “الوعي” بكل تلك الأشياء من حولنا..
ما قيمة (وعينا) حين تفعل (الظروف) المحيطة فعلها بتخديره وشلّ قدرته على اتخاذ القرار والفعل المناسب لنا والمُعبّر الحقيقي عن ذواتنا..؟
يبدو أنه حتى المشاعر والوعي يمكن السيطرة عليها.. تنويمها أو تطويعها وفقاً لغلاف خارجي أنتجها..
أليس الكثير من تجارب حبّ نحياها تكون خاضعة بالدرجة الأولى لظرف عام أنشأها..
ثم باختلاف الظرف نستغرب من أنفسنا أن كيف وقعنا في حب ذاك شخص دون سواه..؟
في بعض الأوقات..
ثمة وجه عميق ومخفي..
وجه آخر مختلف عن كل ما يصدر عنا من أفعال..
وكأنما “ذات” أخرى مختلفة..
ذات “مستترة” تماماً كما “الفاعل المستتر الغائب”.. تختفي وربما تتلاشى أو تتنكر بزي ظروف محيطة، لها الكلمة الفصل.