الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في قمة الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا التي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر، وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بتعزيز التعاون الأمني مع دول جنوب شرق آسيا بقصد واضح للتدخل بنشاط آسيان من أجل استراتيجية الولايات المتحدة الخبيثة لاحتواء الصين. وعلى مدى العقد الماضي، وتحت لافتات مثل “المحور إلى آسيا” و”استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ”، استخدمت واشنطن مبيعات الأسلحة، ومعظمها مستعملة، كطعم لتوسيع نفوذها والتسلل إلى دول جنوب شرق آسيا.
عند إلقاء نظرة حول العالم، تم نشر الأسلحة العسكرية الأمريكية المستعملة في معظم الدول، والتي لم تجعلها فقط كأداة للتدخل في الشؤون الإقليمية، ولكنها تسببت أيضاً في مجموعة واسعة من المخاطر الأمنية للمستخدمين بل وتسربت إلى الأسواق السوداء وانتهى بها الأمر في أيدي الإرهابيين والمجرمين.
لقد أنشأت واشنطن نظام تحالف عسكري وهو أساس رئيسي لهيمنة الجيش الأمريكي على العالم، ولكن ليس كل شركاء الولايات المتحدة يتمتعون بامتيازات الوصول إلى التقنيات الأمريكية الأكثر تقدماً مثل الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، أو الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، أو الذكاء الاصطناعي مثل أعضاء AUKUS، حيث لا يمكن لمعظمهم الحصول إلا على معدات أمريكية مستعملة، حسب تصريحات خبراء عسكريين لصحيفة غلوبال تايمز.
بعد أن أسقطت إيران طائرة عسكرية أمريكية من طراز RQ-4 Global Hawk في عام 2019، والتي كشفت نقاط ضعف الطائرة بدون طيار في البقاء الجوي، كانت واشنطن حريصة على سحب هذه القطعة القديمة من معداتها واختارت بيعها لليابان لتحقيق الأرباح ذكرت وكالة أنباء كيودو في كانون الثاني أن هذه العملية كلفت اليابان 61.3 مليار ين (528 مليون دولار)، بينما تبلغ نفقات التشغيل والصيانة 13 مليار ين سنوياً.
كوريا الجنوبية هي أيضاً ضحية للأسلحة الأمريكية المستعملة، حيث اشترت إدارة الرئيس السابق بارك جيون هاي أكثر من اثنتي عشرة طائرة هليكوبتر من طراز Chinook CH-47D بسعر باهظ قدره 130 مليون دولار من الجيش الأمريكي، لكن المروحيات كانت من طراز عمره 45 عاماً ولم تكن مجهزة بالملاحة ولا أنظمة الإنذار الصاروخي.
قال الخبراء إنه بالإضافة إلى استخدام الأسلحة المستعملة لتحقيق أرباح لا يمكن تصورها، فإن واشنطن تستخدمها أيضاً لإثارة المشاكل في جميع أنحاء العالم وخدمة أهدافها الجيوسياسية. فقد أكد الخبراء أن الدافع المباشر للأزمة الأوكرانية هو الاستفزازات الأمريكية المتكررة ضد الخط الأساسي لأمن روسيا.
في عام 2017، وافقت واشنطن على بيع 210 صواريخ جافلين و 37 منصة إطلاق لأوكرانيا، والتي تم تسليمها في نيسان 2018، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست. جاءت هذه الأسلحة من احتياطيات الجيش الأمريكي التي خرجت من الخدمة، وتم إخلاء جميع احتياطيات صواريخ جافلين وستينغر التابعة للجيش الأمريكي بعد اندلاع الصراع بين أوكرانيا وروسيا، ما أجبر الجيش الأمريكي على استخدام احتياطياته النشطة لمساعدة أوكرانيا، حسبما ذكرت التقارير.
أدت المساعدة العسكرية من واشنطن وحلفائها إلى صراع طويل الأمد، ما أثر بعمق على حالة الأمن الإقليمي والنمط الاستراتيجي العالمي.
كما واصلت الولايات المتحدة تزويد جزيرة تايوان بالأسلحة، على الرغم من قولها إنها لا تدعم “استقلال تايوان” وقد تم تسليمها أسلحة أمريكية عفا عليها الزمن مثل مدمرات فئة كيد وفرقاطات بيري بتكاليف باهظة للغاية.
قال محللون إن بعض الأسلحة الأخرى الأكثر تقدماً التي قدمتها واشنطن لجزيرة تايوان بحاجة أيضاً إلى التدقيق، أفادت شبكة CNN أن الولايات المتحدة وافقت على بيع أسلحة بقيمة 2.2 مليار دولار للجزيرة، بما في ذلك 108 دبابات M1A2T Abrams بالإضافة إلى المعدات ذات الصلة في عام 2019، لكن المحللين قالوا إن أسعارها مبالغ فيها، ومن غير المرجح أن يكون مثل هذا النوع من الدبابات الثقيلة متوافقاً مع تضاريس الجزيرة.
ومن ناحية أخرى فإن المشكلات الفنية هي مشكلة رئيسية في مبيعات الأسلحة الأمريكية المستعملة، فقد قُتل حوالي 53 شخصاً وأصيب 50 آخرون عندما تحطمت طائرة نقل تابعة للقوات الجوية الفلبينية من طراز سي -130 في جنوب الفلبين في تموز 2021، ما يجعلها أسوأ كارثة جوية عسكرية في البلاد منذ 30 عاماً. وذكرت وكالة أنباء الصين (شينخوا) أن الطائرة المستعملة وعمرها 33 عاماً سلمتها الولايات المتحدة قبل خمسة أشهر.
أما بالنسبة للهند فهي تستخدم الأسلحة والمعدات الروسية، لكن واشنطن حاولت وباستمرار الترويج لبضائعها في البلاد واستبدال الأسلحة الروسية.
وقد ورد أن الهند اشترت العديد من الأسلحة الأمريكية المستعملة، مثل طائرات هليكوبتر متعددة المهام 24 MH-60R Seahawk بقيمة هائلة بلغت 2.6 مليار دولار في عام 2019 وملابس عازلة للطقس شديد البرودة تم الإبلاغ عنها لاحقاً من قبل الجنود الهنود على أنها مستعملة.
بينما تبيع واشنطن هذه الأسلحة، غالباً تحت اسم حماية السلام، فإنها تأمل في خلق المزيد من الحروب حتى يتمكن تجار الأسلحة الأمريكيون من كسب المزيد من الأموال. فمن الحرب في أفغانستان إلى الأزمة في سورية، ومن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الصراع الروسي الأوكراني، كانت شركات الأسلحة الأمريكية والسياسيون هناك دائماً، ويحصدون كل ما في وسعهم، على حساب الخوف والتشرد وموت السكان المحليين، كما قال الخبراء.
وفي الوقت الذي يتجه فيه تدفق الأسلحة من الولايات المتحدة وحلفائها إلى أوكرانيا وسط الصراع المستمر هناك، بدأت التأكيدات الأمريكية الغامضة، مرة أخرى، في إثارة القلق بشأن فقدان المعدات العسكرية في أوكرانيا، التي تعد مركزاً قديماً لتهريب الأسلحة، كما ورد في مقال في الواشنطن بوست في وقت سابق من هذا الشهر.
قال معهد كاتو إن مبيعات الأسلحة غير المسؤولة يمكن أن تقوي العصابات الإجرامية والميليشيات غير المنظمة والمنظمات الإرهابية، ما يساهم في زيادة العنف وتآكل القانون والنظام والاضطراب الاقتصادي.
وقال خبراء عسكريون إنه على الولايات المتحدة أن تفكر في استراتيجياتها ومقاربات بيع الأسلحة الخاصة بها إذا كانت تريد حقاً المساهمة في السلام العالمي.
المصدر: Global Times