الثورة – تقرير منهل إبراهيم:
تعتبر الحرب التي فرضها الغرب على روسيا في أوكرانيا أكبر أزمة دولية منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تلقي بظلال قاتمة على العالم وأمنه واقتصاده، لدرجة أن التحذيرات من وقوع حرب نووية، أو مجاعات حول العالم لم يعد كلاماً خيالياً أو نظرياً، بل تحذيرات مقرونة بوقائع وشواهد على الأرض.
ومع قرب انعقاد القمة الأطلسية لزعماء وقادة الدول الأعضاء في حلف الناتو بالعاصمة الإسبانية مدريد نهاية الشهر الجاري، تتواتر المؤشرات التي تفيد بأن الحلف قد يذهب لحد إعلان روسيا عدواً وخطراً استراتيجياً عليه، على وقع احتدام المواجهة الأطلسية الروسية على خلفية الحرب الأوكرانية التي مر على اندلاعها 100 يوم، وسط تكهنات بأن يطول أمدها لأشهر وربما لسنوات.
وتأتي تصريحات المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الناتو جوليان سميث، حول اعتزام القمة اعتماد المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو والمتضمن إعلان روسيا تهديداً رئيسياً له.
وبحسب وكالة تاس الروسية، قالت سميث خلال اجتماع مع مجموعة المحللين العسكريين في العاصمة الأميركية واشنطن: “تطوير المفهوم الاستراتيجي لم يكتمل بعد، لكني أعتقد أننا متفقون بشكل عام على أن روسيا هي التحدي والتهديد الأساسي الذي يواجهه الناتو”.
حلف الناتو يعيش مرحلة انكسار من تقدم روسيا في الحرب بأوكرانيا، وكذلك مرحلة تحول واستجابة نتيجة تداعيات الحرب، ونتائجها الكارثية حول العالم وخاصة على صعيد الغذاء والطاقة، وعلى الأمن القومي خاصة لدول الناتو الملاصقة لروسيا.
وكشفت ممثلة واشنطن لدى الناتو، أن الحلف يهدف لتضمين مفهومه الاستراتيجي الجديد سبل التعامل مع التقارب والتوافق الاستراتيجي بين موسكو وبكين، ولا سيما على خلفية البيان المشترك الصادر عن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتن، والصيني شي جين بينغ في شهر شباط الماضي قبيل بدء الحرب في أوكرانيا، والذي أكد أن الصداقة بين البلدين “ليس لها حدود” وأن تعاونهما “لا توجد فيه مجالات محظورة”.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت خلال شهر أيار الماضي، بدء مناقشة مجلس إدارتها نسخة جديدة من مفهوم السياسة الخارجية الروسية على ضوء الحرب الأوكرانية، والأزمة الحادة مع الغرب.
ونقلت رويترز عن رئيس أركان الجيش الأميركي قوله قبل أسابيع قليلة أمام مجلس الشيوخ إن العالم أصبح “أكثر اضطراباً”، وأن احتمالات نشوب صراع دولي كبير بين القوى العظمى “آخذة في الازدياد”.
ووصف الولايات المتحدة بأنها “تمر بنقطة انعطاف جيوستراتيجية حرجة للغاية وتاريخية، حيث يتعين على الجيش الأميركي الحفاظ على الاستعداد والتحديث للمستقبل في نفس الوقت”، وختم حديثه بالقول: “نحن الآن نواجه قوتين عالميتين: الصين وروسيا، لكل منهما قدرات عسكرية كبيرة، وكلاهما يعتزم تغيير النظام الحالي”.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ نبه، منذ ساعات في واشنطن بعد لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى أن على الدول الغربية أن تستعد “لحرب استنزاف طويلة المدى” في أوكرانيا.
وصرح ستولتنبرغ للصحافيين “علينا أن نستعد على المدى البعيد، لأن ما نراه أن هذه الحرب باتت حرب استنزاف”.
وبشأن الدعم المقدم لأوكرانيا، كشف ستولتنبرغ أن حلف شمال الأطلسي زود كييف بصواريخ ذات مدى أبعد ودقة أكبر، مضيفاً أن هدف الحلف هو تمكين أوكرانيا من تحقيق تفوق ميداني.
وأكد أمين عام الناتو أن الحلف سيواصل دعم أوكرانيا وأيضاً منع تصعيد الحرب حتى لا تتحول إلى شاملة مع الناتو.
وتتجه الأنظار نحو القمة الأطلسية في مدريد نهاية الجاري حيث تتواتر المؤشرات التي تفيد بأن الحلف قد يذهب لحد إعلان روسيا عدواً وخطراً استراتيجياً عليه، على وقع احتدام المواجهة الأطلسية الروسية، وسط تكهنات بأن يطول أمدها.
ويرى مراقبون وخبراء أن عالم ما بعد الحرب الأوكرانية ليس كما قبلها، وأن طرفي المواجهة الرئيسيان الناتو وروسيا، كلاهما بصدد إعادة التقييم والمراجعة واعتماد تكتيكات واستراتيجيات جديدة، تتوافق مع تحديات ما بعد أزمة أوكرانيا وما خلفته من وقائع ومعادلات جديدة حول العالم.