الثورة – تحليل لميس عودة:
المتابع للتصريحات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة يدرك أن ثمة تصدعات في الهيكلية السياسية والعسكرية باتت تظهر بشكل جلي من خلال الاتهامات والتراشقات البينية بين متزعمي الاحتلال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى خوفاً وخشية من انهيار ذاك الكيان، وهذا عبر عنه رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت بإقراره المعلن بعدم جاهزية الكيان الإسرائيلي لشن حرب عدوانية مفتوحة بالمنطقة، وعكستها أيضاً اعترافات مسؤولين في أركان حرب جيش الاحتلال لوسائل إعلام إسرائيلية.
فبعد أيام من انتهاء تدريبات ما تسمى “عربات النار”، اعترف الجنرال احتياط في جيش الاحتلال يتسحاق بريك للقناة 14 الإسرائيلية بتلقيه رسالة من قادة ما يسمى كتائب لواء المشاة 16 “لواء القدس” أعربوا فيها عن خشيتهم من تداعيات المواجهة المقبلة مع محور المقاومة، في ظل انعدام الجاهزية والاختلاف الجوهري بين التقارير التي يكتبها قادة العدو العسكريون عن التدريبات، وبين ما يحدث على أرض الواقع.
إذ وصف بريك ما يحدث حالياً في جيش الاحتلال بأنه “مرحلة الانهيار الخطير” وذلك بسبب الفجوة بين التقارير التي ينقلها المتزعمون العسكريون للاحتلال إلى السياسيين وما يحدث على الأرض، موضحا أن” غالبية الجنود التابعين للواء لم يزوروا مخزن الطوارئ الخاص بها ولا يعرفون كيف يستخدمون المعدات”.
أما جنرال الاحتياط في جيش العدو والخبير السياسي في شؤون الصراع العربي الصهيوني شائول آرئل” فقد كتب في هآرتس أن الكيان الصهيوني اعتمد استراتيجية جعلت تحقيق “الحلم الصهيوني” في فلسطين مستحيلا وأن الكيان يمضي قدما في طريق تبديد هذا الحلم بشكل نهائي.
تلك الحقائق التي أقر بها المعنيون بتقييم المستوى العسكري والجاهزية القتالية والعسكرية لجيش الاحتلال، تنزع القشرة التي يغلف بها عادة حكام الاحتلال قدراتهم العسكرية واستعداداتهم النفسية للمواجهة وخوض حروب عدوانية يمتلكون زمام حسمها كما يدعون ويروجون عادة كفقاعات على سطح الإعلام لتبديد الذعر الذي يلازم الشارع الصهيوني من ارتدادات عكسية عليهم، ومن مجابهة محور المقاومة الذي أثبت أكثر من مرة أنه يمتلك مفاتيح التصدي والردع، وأحدث انعطافة نوعية في مفاهيم المقاومة والثبات في وجه العصف الإرهابي الصهيوني بجميع أشكاله.
هذه الاعترافات لم تتوقف فقط عند قادة الاحتلال العسكريين فقد سبقتها إقرارات مشابهة من رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت بأن كيانه يقف أمام اختبار حقيقي، ويشهد حالة غير مسبوقة تقترب من الانهيار، ويواجه مفترق طرق تاريخي.
في كل الاعتداءات السافرة التي قام بها العدو الصهيوني على الأراضي السورية في الفترة السابقة، واعتماد الاغتيالات لقادة في المقاومة، يحاول متزعمو الاحتلال من المناورة الهروب إلى الأمام والخروج من عنق زجاجة المآزق التي يعانيها الكيان الغاصب داخليا وخارجياً، وذلك بمحاولة تخفيف وطأة تداعيات الانقسامات السياسية الحادة في حكومة وأحزاب الاحتلال، خاصة أن جميع المؤشرات تؤكد على قرب سقوط حكومة الاحتلال الحالية والعودة إلى الانتخابات الخامسة في أقلّ من سنتين، إضافة إلى تداعي وهم التفوق العسكري لكيان يعاني أزمات داخلية حادة من جانب، ومن جانب آخر ذعر الشارع الصهيوني من تعاظم الهبة الشعبية في فلسطين المحتلة و تنامي قدرات المقاومة الفلسطينية وضرباتها الموجعة بالداخل المحتل وتعاظم قدرات محور المقاومة في المنطقة، وكل ذلك يوضح الهزات الكبيرة التي تضرب الكيان الغاصب وتضعه على فوهة بركان اضطراب وتضعضع أركانه السياسية والعسكرية.