مضى أكثر من عام على تطبيق قانون الاستثمار الجديد رقم 18 الصادر في التاسع عشر من شهر أيار ٢٠٢١، رغم ذلك لم نلمس أي تطور في ذهنيات البعض بتطبيقه ولا في آليات العمل والمتابعة ولا في معالجة المشكلات القائمة والمشاريع المتعثرة ولا في جذب استثمارات من الداخل والخارج، ومن ثم بقي واقع الاستثمار على حاله من الجمود والتعثر رغم أن الكثير من أصحاب رؤوس الأموال الموجودين داخل سورية، أو من المغتربين الذين هجروها منذ عقود طلباً للعمل وتحسين الأوضاع، أو من الذين هجِّروا منها بسبب الإرهاب في السنوات العشر الماضية، يريدون العودة إليها والاستثمار فيها وينتظرون الفرصة المناسبة لذلك كما نسمع من هنا وهناك.
وهنا نعود للقول إننا بأمس الحاجة حقاً لتشجيع أصحاب رؤوس الأموال من السوريين الموجودين داخل الوطن، ودعمهم معنوياً لإكمال مشاريعهم المتوقفة والمتعثرة لأسباب تتعلق بالجهات العامة، ولإقامة مشاريع استثمارية جديدة في كل المحافظات من شأنها زيادة الإنتاج الوطني وتوفير فرص عمل والمساهمة في زيادة معدلات النمو وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب وداعموه، وأيضاً بأمس الحاجة للعمل الجاد من أجل جذب الاستثمارات من المغتربين السوريين المقيمين في الخارج وما أكثرهم، ومن غير السوريين الراغبين بدخول السوق السورية لإقامة مشاريع استثمارية في كل المجالات.. الخ.
صحيح أن العقوبات الجائرة وقانون قيصر السيئ الصيت قد يكون من الأسباب التي تعرقل دخول الشركات الاستثمارية الخارجية لبلدنا، لكن الصحيح أيضاً أن الكثيرين في الداخل جاهزون للاستثمار والإعمار، وأن الكثيرين في الخارج يستطيعون الدخول والاستثمار والمساهمة في الإعمار في حال تأكدوا أن البيئة الاستثمارية باتت مناسبة بكل مقوماتها البشرية والقانونية والنقدية ..الخ.
إن جذب الاستثمارات وتحقيق الأهداف من إصدار قانون الاستثمار الجديد، لايمكن أن تحصل بالنيات الطيبة والكلام العام والدعوات عبر الاجتماعات ووسائل الإعلام والتواصل والتصريحات من هذا المسؤول أو ذاك، إنما تتم بالأفعال الحقيقية على الأرض، فالكلام العام في هذا المجال لم يعد مقبولاً ولا مفيدًا ولا مجدياً ولا منتجاً، كما أن استمرار القائمين على جهاتنا العامة ذات العلاقة وكوادرها بعملهم وأدائهم بالعقلية القائمة نفسها، وبالآلية المتبعة نفسها في تعاملهم مع المستثمرين لن يؤدي إلى إقامة أي استثمارات حقيقية، ومن ثم سنبقى ندور وندور في حلقات مفرغة بكل أسف!.
وفي هذا المجال نعتقد أن كل محافظة من محافظاتنا ومنها طرطوس، فيها الكثير من الأمثلة عن الفشل في معالجة المشاريع التنموية والاقتصادية المتعثرة، وفي التشجيع على إقامة مشاريع تنموية جديدة من شأنها زيادة الإنتاج المحلي وتشغيل عشرات آلاف العاطلين عن العمل، ونجزم أن هذه المشاريع مرفوعة للجهات المركزية ذات العلاقة، وللجنة المركزية التي شكلها مجلس الوزراء بالقرار رقم 2076 تاريخ 19-11-2019 بهدف وضع آلية لمعالجة المشاريع الاستثمارية المتعثرة للقطاع الخاص في المحافظات، ولا ندري إلى متى ستبقى متعثرة؟!.