تخلت أوروبا عن البيئة التي ادعت الدفاع عنها لسنوات طويلة، وفتحت مناجم الفحم بحثاً عن تعويض النفط والغاز الروسي فيما يتسابق العالم للحصول على السماد والنفط الروسي استباقاً لأزمة غذاء عالمية بدأت ملامحها بالارتسام، وحتى الدول الأوروبية التي فرضت العقوبات تحاول الالتفاف على نفسها للحصول على النفط والسماد الروسي، وبما أننا من هذا العالم وسنعاني ما يعانيه إضافة لمعاناتنا الخاصة، هناك شريحة واسعة في المجتمع السوري تسأل كيف لنا أن نعيش هذا الواقع المأساوي بموضوعي المشتقات النفطية ونقص السماد وشركاؤنا في الحرب والعقوبات أكبر منتجي النفط والسماد؟
الاعتبارات كثيرة وكبيرة، واعتبارات السياسة وحساباتها غير اعتبارات وحسابات المواطنين، ولكن لا يُعقل أن يتحمل المواطن السوري كل هذه الأعباء وهو يعلم أن روسيا تبيع النفط بأسعار تفضيلية لعدد من الدول ونحن تكاد تتوقف حركتنا بسبب نقص النفط، ولا يُعقل أن تنقضي كثير من المواسم الزراعية التي نحن بأمس الحاجة لها دون أن يحصل المواطن على السماد.
الجميع يفهم أن الأعداء يعاقبوننا ويحاصروننا ولكن بإمكاننا شراء النفط من الحلفاء بالسعر التفضيلي.. صحيح أن الأمور تسير وفق أولويات، ولكن القمح لا يُمكن طحنه ولا نقله ولا خبزه بدون وقود، والزراعة لا يُمكن أن توجد بدون الوقود والسماد معاً.
لم تعد تنفع كل التبريرات عند المواطن بعدم القدرة على تأمين المشتقات وتأمين ثلاث مئة ألف طن سماد ولو بقروض مؤجلة أو عن طريق مقايضتها مع حلفائنا بمنتجات أخرى.
كل من الشركاء والأصدقاء لم يقصروا في الوقوف معنا، والجميع يعرف ويقدر ذلك، ولكن مصالح ومواقف الدول تنبثق وتنطلق من مصالح الشعوب المشتركة، وتقاسم الهواجس والقلق والمعاناة.