تتراجع في بلدنا ثقافة الحفاظ على الملك العام ،بدليل أن نسبة كبيرة من المواطنين يتعاملون مع المرافق الخدمية العامة بشيء من الاستهتار واللامبالاة والتعدي، متجاهلين ومتناسين أن الشارع والطريق والرصيف والحديقة والغابة وباص النقل الداخلي والملعب والمدرسة والجامعة والسد والنهر والمركز الثقافي والمشفى وعمود الهاتف والكهرباء, ومقرات المؤسسات العامة المختلفة وو..الخ جميعها ملك عام لنا كمواطنين والدولة أقامتها لخدمتنا.
هذه الثقافة وتراجعها ليست وليدة الأزمة وحسب، إنما تكونت وانتشرت بشكل تراكمي على مدى العقود الماضية وحتى الآن، لأسباب عديدة يفترض أن تشخّصها الجهات المعنية (أحزاب ومنظمات ومؤسسات) تشخيصاً دقيقاً، وتعمل على معالجتها بالوقاية والمكافحة دون تأخير، لأن بقاءها يعني استمرار هذه الثقافة المريضة، واستمرار نتائجها السلبية والخطرة علينا جميعاً وعلى وطننا
وهنا نكرر ما سبق وقلناه في هذا المجال مسجلين استغرابنا واستهجاننا لثقافة (التعدي) على هذا الملك ,ولتصرفات الكثيرين تجاه الملك العام ,ولعل ما نشاهده في الحدائق العامة خير مثال على التعدي على هذا الملك , فرغم أن هذه الحدائق هي الرئة الحقيقية للمدن وسكانها ورغم ارتيادها من الناس بكثافة للرياضة أو الترويح عن النفس أو للقاء بين الأصدقاء أو ..الخ نجد أن نسبة غير قليلة من روادها يرمون فيها كل ما يسيء لنظافتها وجمالها بدءًا من الأوراق والمحارم مروراً بعلب الكولا ومغلفات الأدوات الغذائية للأطفال والبذر وقشور الموز وأوراق الحمّص الأخضر وليس انتهاء بمخلفات الطعام بعد الجلسات العائلية و(السيران)..الخ.
وطبعاً واقع الحدائق هذا ينطبق على كل مرافقنا العامة وبأشكال وطرق تصل لمرحلة التخريب والتعدي فيها من قبل البعض,كما هو الحال في قطع أشجار الغابات ,وسرقة أو تكسير اللمبات في الشوارع والحدائق,وسرقة أغطية الفونت عن جور الصرف الصحي والمياه ,وسرقة أسلاك الكهرباء من مادة النحاس الممددة بين الأعمدة في الريف، وتكسير المقاعد على الكورنيش البحري ورمي كل الأوساخ عليه…وأمور عديدة أخرى يجب أن يتم الكشف على من يقوم بها وأن يعاقبوا وفق القانون دون هوادة وصولاً لتكريس ثقافة الحفاظ على الملك العام ومنع التعدي عليه على امتداد ساحة الوطن.
السابق
التالي