” إذا ما تُرك حبلٌ.. “

 

قديماً في حكاية التراث قيل (إذا ما تُرك الحبل على الغارب) في تعبير عن الحرية الكاملة دون قيود أو شروط.. وإذا ما تُرك هذا الحبل سائباً دون لجم مشت الراحلة بعيداً عن صاحبها، وقد تجد لها صاحباً غيره.

لقد أفسح الغرب مع مراحل تطوره مجالاً لبعض الحريات لأن تكون سائبة كما ذلك الحبل.. بينما نحن في مجتمعاتنا العربية مازلنا نتمسك بكثير من القيم، والأعراف.. إلا أننا مازلنا أيضاً نتطلع إلى الغرب بعين الإعجاب نتيجة ما قدمته حضارته المعاصرة من تطور معرفي، وتقني.. أو لعلها (عقدة الخواجة) كما يسمونها تزداد تعقيداً عوضاً عن أن تنحل عقدتها بعد أن أصبح العالم مكاناً واحداً زالت منه الحواجز، والفوارق.. فمن أراد أن يغذ في طريق العلم في الشرق، أو الغرب استطاع أن يحقق حلمه، ومَنْ أراد أن يطّلع على الثقافات عامة أدرك ذلك بعد أن انفتحت خطوط الثقافات جميعاً على بعضها بعضاً عبر شبكة المعلومات، وكل مَنْ أراد أمراً سهُل عليه تحصيله، فلماذا إذاً تبقى القشور طافية على السطح بينما يغيب الجوهر عميقاً؟.

طبيعي أن تفرز كل مرحلة من الزمن ثقافتها التي تتأثر بمعطيات عصرها، وها هو العصر يفرز فنوناً وآداباً جديدة قد لا تكون بالضرورة موازية لأزمانٍ أُنتج فيها أدب رفيع، وفن رفيع مازال كل منهما ينبض حياً بيننا في كل مكان.. ولكن.. مادامت قنوات التواصل بين البشر قد فعلت فعلها في الوصول إلى كل أحد فماذا لو ارتفع صوت التصفيق استحساناً لكل ما هب ودب فناً، وفكراً، وأدباً، وعلماً أيضاً؟.. ماذا لو تُرك الحبل على الغارب للرقص، والغناء الهابطين، كما للسينما التي أصبحت تقدم إبهاراً بصرياً على حساب مضمونها الذي أكثر ما بات يعتمد على العنف، والصورة المشوهة، ومن قبل كانت الأفلام بالأبيض والأسود تقدم فناً راقياً لجمهورها؟ بل ما بال الرسوم المتحركة وهي واحدة من أجمل الفنون التي خُصصت للأطفال، وأصبحت واقعاً فرضه التلفزيون، والسينما في حياتهم، ما بالها هي الأخرى تعلن عما ستُقدمه لأطفال العالم عبر منصات البث التدفقي من سلوك يروّج للانحراف الذي من ورائه مَنْ يشجع، ولا يستنكر؟ أم أنه حال ما وصل إليه حبل الحرية التي باتت تنفجر في التعبير عن نفسها؟.

والموضة.. وقد أصبحت تُستورد هي كذلك دون نقاش، أو تقييم لها سواء في الملبس، أو في المأكل كوجبات الطعام السريعة، أو في استخدام اللغات الأجنبية لتحل محل اللغة الأم كمن يخرج من جلده، ولا يكتفي بالخروج منه بل إنه يمزقه أيضاً متباهياً بتفوقه اللغوي الأجنبي، وإذا ما تكلم لغته الأصل تجده يشتق مفردات غربية يدخلها إليها، وإذا ما كتب بها كانت الفاجعة.. وهذا المتفرنج ماذا سيعرف بالتالي من تاريخ بلاده، وأمته إذا كان منفصلاً في الأساس عن لغتها؟ واللغة ما هي إلا ذاكرة الأمم، وثقافتها، وتراثها.. وغير ذلك كثير من مظاهر العصر ألا يمكن أن تصبح استعماراً ثقافياً جديداً، والاستعمار لم يعد جيوشاً على الأرض بعد أن وجد لنفسه مسالك أخرى تصل إلى العقول، ألن يضع هذا قيمنا، وأعرافنا، وثقافتنا، وإرثنا النبيل، كما هويتنا في خطر عندما يجعل كفة الميزان ترجح لصالحه؟.

دوائر من دخان، أو فقاعات من هواء سرعان ما تتبدد، أو تنفجر هي هذه المظاهر التي يُترك لها الحبل على الغارب.. إلا أنها قد تتحول في لحظة إلى دوائر من نار حارقة، أو فقاعات من هواء يسمم الأجواء.

 

آخر الأخبار
فيصل القاسم يكشف استغلال "حزب الله" وجهات مرتبطة به لمحنة محافظة السويداء ضبط أسلحة وذخائر معدّة للتهريب بريف دمشق سرمدا تحتفي بحفّاظ القرآن ومجودي التلاوة تنظيم استخدام الدراجات النارية غير المرخّصة بدرعا مطاحن حلب تتجدد بالتقنية التركية 5 ملايين دولار قيمة الكميات المستلمة لدى "أعلاف حمص" هجوم بريطاني على ترامب.. وروسيا و" إسرائيل " في التفاصيل الرئيس الشرع يصل الدوحة للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الطارئة "الحلبي" يطلق قمة "سفير 2025" من دمشق و يكشف عن "موسوعة التعليم العالي العالمية" قطر على خط النار.. هل يكون السلام سلاحها في مواجهة العدوان؟  في حديث الشرع.. رؤية متجددة تتجاوز الجراح و تستشرف المستقبل   رولان سعادة: تعاون لبناني – سوري يفتح آفاقاً جديدة لألعاب القوى قمة الدوحة.. هل آن أوان الفعل؟  حظر شامل على مستعمرات الاحتلال.. مطلبٌ دوليٌ يكتسب زخماً غــزة تحت النار .. والموت يأتي من الحصار قبل القصف  قمة الدوحة أمام اختبار التاريخ .. هل تردُّ على الغطرسة الإسرائيلية؟ السياسة السورية.. فن الممكن بصبر محسوب ودقة متقنة مستثمر يسهم في تطوير مطاحن الدولة "إسرائيل" تمعن في تقويض الاستقرار وتغتال فرص السلام 20ساعة بلا كهرباء.. هل من حلول؟