الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
على مدى عدة عقود، استمرت عملية قطع الطرق الدولية الحديثة باتجاه أن واشنطن هي التي تحدد الصديق والعدو وقواعد اللعبة، وتمت كتابة هذه القواعد باستخدام العقوبات أو الحروب التي لا نهاية لها أو التهديد بالحرب.
الأسئلة الاستراتيجية هنا: هل السلام والديمقراطية ممكنان في مثل هذا العالم؟ أليس هذا هو الوقت المناسب لجعل الحقوق الدولية الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة عالمية؟ ألا نحاول تغيير ديكتاتورية أمريكا العالمية التي سادت تحت غطاء النظام الدولي الجديد واستبدالها بنظام متعدد الأقطاب؟.
في القسم القانوني من ميثاق الأمم المتحدة، تم التأكيد بوضوح على أنه يمكن لكل بلد أن يختار طريقه بحرية، سياسياً واقتصادياً. بمعنى آخر، لا يوجد شرط حول كيفية تطبيق الحكومة لنظام الحكم الخاص بها.
أدى السلوك الأمني والسياسي العنيف للولايات المتحدة، الواضح في آسيا وخاصة فيتنام، بالإضافة إلى أفغانستان والعراق، إلى حروب ودمار لا نهاية لهما.
لقد ألمحت واشنطن مراراً وتكراراً أن الغرب، تحت قيادتها، له الحق في التدخل والتحكيم بشأن نظام حكم الدول أو معايير الديمقراطية كما يمكنه أن يقرر أي دولة هي ديمقراطية “جيدة”.
على الرغم من الموقف الواضح للغاية للقانون الدولي في ميثاق الأمم المتحدة، فقد منحت الولايات المتحدة نفسها الحق في تقرير ما هو النظام السياسي الديمقراطي وما هي القيم التي يجب تطبيقها في كل مكان في العالم، ومع ذلك، تم التأكيد في ميثاق الأمم المتحدة على أنه لا يمكن لأي دولة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى وإجبارها على اتباع “قيم” معينة.
لكن بالنسبة لواشنطن يبدو أن منطق القوة قد تغلب على قوة المنطق. عندما تريد الولايات المتحدة إطلاق النظام العالمي الجديد بفعل الحرب، فإن القصة مختلفة تماماً ويصبح ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي عقيمة وتصبح أمريكا قادرة على نهب دول وشن الحروب لمعاقبة دول أخرى، مثل أفغانستان والعراق.
من الواضح أنه في هذا النظام العالمي، لا يوجد شيء مثل الحقوق المشتركة أو الحق في التمتع بالحقوق الدولية وكل شيء يتم تصديره من جانب واحد من قبل واشنطن.
يُظهر مثال بسيط مدى خداع هذا التصنيف الأحادي الجانب: لقد عينت الولايات المتحدة ممثلاً خاصاً لحقوق المرأة في أفغانستان، في الوقت الذي سلمت فيه البلاد إلى جماعة تُعتبر من أكثر الجماعات الإرهابية خطورة وكراهية للنساء منذ سنوات.
تصبح القصة أكثر سخافة عندما يتحدث بايدن عن انتهاك حقوق المرأة في أفغانستان، في حين أن الولايات المتحدة على دراية تامة بأفكار جماعة طالبان الأيديولوجية وسياساتها السياسية والثقافية.
ومع ذلك، فإن المشكلة الأكبر هي أن الدولة تمنح نفسها الحق في استخدام معايير مزدوجة لتطبيق أي حق مفيد لها وضمن الإطار النفعي للعلاقات مع حلفائها. هذه القيم الأمريكية لها مجموعة متنوعة بما في ذلك احتلال دولة أو تسليم الدولة المحتلة للجماعات المتطرفة. هل تقبل الولايات المتحدة أن يتم تعيين فريق عمل من قبل الصين أو من قبل الأمم المتحدة للتعامل مع الإبادة الجماعية للهنود في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة؟ هل أمريكا مستعدة لتعويضهم عن الإبادة الجماعية واحتلال أراضيهم؟ هل ستسمح أمريكا للصين أو أي دولة أخرى بتتبع وضع السود فيها؟ هل هناك دولة تستطيع إجبار واشنطن على أن تصبح عضواً في محكمة لاهاي الدولية لجرائم الحرب؟ في حين تم حظر 300 مليار دولار من احتياطيات الذهب والنقد الأجنبي لروسيا والأصول الأجنبية للمؤسسات والأفراد الروس من قبل الولايات المتحدة، هل يمكننا أن نتوقع أنه في حالة نشوب حرب من قبل الولايات المتحدة، نفس المبلغ من أصول أفراد وشركات ومسؤولين أميركيين يتم الاستيلاء عليهم من قبل دولة ثالثة؟.
ومن القضايا الأخرى التي أثيرت في تعامل واشنطن مع الدول الأخرى، إنشاء نظام نهب في الاقتصاد السياسي العالمي تذهب معظم فوائده إلى جيوب الأمريكيين. ومن أجل الحفاظ على مكانتها كأمين صندوق لرؤوس أموال الدول الأخرى، أجبرت واشنطن أو شجعت معظم الحكومات المجاورة لها على تكديس احتياطياتها من العملات الأجنبية في الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، أفغانستان، باعتبارها واحدة من أفقر البلدان في العالم، تواجه أزمة مالية حادة، فبعد وصول طالبان إلى السلطة، واجهت أفغانستان نهب ممتلكاتها، حيث صادرت الولايات المتحدة 7 مليارات دولار من تراكم الثروة الإقليمية الوطنية للشعب الأفغاني، بينما يعيش حوالي 24 مليون شخص في أفغانستان في حالة جوع حاد.
السؤال الأكثر أهمية هنا هو “من أين يجب أن تحصل العائلات التي فقدت أفرادها في أفغانستان أو العراق وغيرها نتيجة حروب الولايات المتحدة الوحشية فيها، على تعويضهم؟” قتل أكثر من 200 ألف مواطن عراقي في الغزو الأمريكي على العراق، ولقي الكثيرون حتفهم بسبب النتائج غير المباشرة للحرب، مثل تدمير النظام الغذائي، والصرف الصحي، ونظام تأمين مياه الشرب، وسوء التغذية والأمراض. وفقاً لمجموعة Airwars التابعة لمجموعة مراقبة الأضرار المدنية، قُتل ما بين 22000 و 48000 في غارات جوية أمريكية مباشرة بعد 11 أيلول. هل يمكن للمدنيين المقتولين المطالبة بتعويض من الولايات المتحدة في محكمة دولية؟ لا توجد إجابة، وهذه هي أعمال اللصوصية الجارية في النظام العالمي الأمريكي.
المصدر: Eurasia Review