الملحق الثقافي – شعر – منير خلف:
كأنّ العزاءَ ابتدا
كأنّ الجموعَ التي شيّعَتْ
في مقام الأمومة أختي
التي كانت الهاءُ فيها تقيمُ صروح الهنا
وأن الدماء التي في خدود الغروب
اهتدتْ لهواء اسمها في الهدى
.. أثّثَتْ دالَ دمعي
وأن اليواقيتَ من يائها
ما استمدّتْ عناوينَها من نُواح الرثاء
لعنقودنا الثّرِّ عنقودِ غربتنا في الهباء
ولكنّ تاءَ هديّتها
علّمَتْني التعلّقَ من نظرةٍ في يديها
بفنّ الأخوّةِ .. حبل التمسّك بالحُبّ
في رحِم الحُبّ
كيما تظلّ البلادُ بلاداً
كقبلة أختٍ حنونٍ
تشيّدُهُا
لمّةُ العيدِ .. كلتا يديها المورّدتين،
هديّةُ أختي التي أخذتْ من بياض يديها
النوارسُ حاجتَها لاحتفاء البحار بلون الشروق،
على كتفيها تعلّمَ فقهَ التبتّل سربُ الفراشاتِ،
كلُّ أصابعها شهدَتْ ضمّةَ العشبِ .. ريحانة للنوافذ ..
معنى الطباق المؤيّد للحبق المتكاثر قرب سلالم نظرتها للوراءْ.
إلى أختنا .. عمّةً .. خالةً .. جدّةً ..
أمَّ ذكرى تجفّفُ حَرْمَلَ أيّامِها المتعباتِ،
لأختي التي زيّنتْ حلْمَ لهفتنا في الطفولة
للخبز من يدها طازجاً ساخناً
ناشراً عبقَ الذكريات البعيدة،
وهي تعلّمُ أبناءها
في اشتداد الزّحام ارتداء المودّات
كي يصعدوا كوكباً من بهاءْ.
هديَّةُ كانت
حنانَ الجبال على النهر
وهو يزف البيادرَ سيباً
يعيد إلى الماءِ نكهَتَهُ الماءَ
يضفي على الوجه
صفوَ القلوب المحنّاة بالضوء
قارورةً من دموع السحاب
المكلّل بالعطر وقت انتظارٍ كثيفٍ
لعودة أبنائها الراكبين بحارَ السواد البعيد: عمادَ .. ويوسفَ.. خورشيدَ
وهي تعدّ لأوْبَتِهِمْ سالمينَ
موائدَ من ذكرياتٍ تهيّئها يدُها كلما زرْتُها،
كانتِ الأمَّ
تفتحُ لي جرحها
في غياب البنينَ .. البناتِ..
وكانتْ تخبّئ دمعتها
دون إذنٍ من الطير
دون ظباءٍ
يحوّمْنَ حول عيون أمومتها
يا لدفء أمومتها
كم رأى ما رأى
من طيوب المودات محتفياتٍ
بشوق الأصابع في الفجر
وهي تهيّئ تنّورها في الصباح
تكوّمُ حولَ قِرى قلبها ويديها
صنوفاً من الصبر
تُطعِمُ آلافَنا المائتين،
فهل
سوف تأتي هدايا هديّةَ
تعلنُ أعيادنا من جديدٍ
وتنقذ أيتام أحلامها
من رياح البكاءْ ؟.
العدد 1106 – 9- 8-2022