الثورة – فاتن أحمد دعبول:
الحوار الإنساني وأبعاده في المجتمعات الواحدة وبين الشعوب المختلفة، والنواظم التي تحكمها، وأهم الأسس التي يبنى عليها، وعناوين كثيرة تناولتها الندوة التي نظمتها المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق بالتعاون مع اتحاد الصحفيين، تحت عنوان “الحوار الإنساني وضرورة الوقت”.
وبين د. حميد رضا عصمتي المستشار الثقافي في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق بعد ترحيبه بالحضور، أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة ورشات وفعاليات تقيمها المستشارية بالتعاون مع اتحاد الصحفيين بهدف نقاش أبرز القضايا التي يمكن أن تساهم في تمكين العلاقات بين البلدين.
وأشار إلى أنه ربما تكون هناك دعوات زائفة للحوار، ومصطلح حوار الحضارات طرحه الرئيس الإيراني محمد خاتمي، وللحوار أنواع فربما يكون بين أفراد الشعب والدولة، أو يكون بين شعب وشعب آخر، وأحياناً يكون بين النخب، ونحن بحاجة لجميع أنواع الحوار لنفهم ما يريده الآخر، فنحن لا نعرف ماذا عند الآخر، لذلك الحاجة ماسة أن نُسمع ونستمع لما لدى الآخر حتى لو كنا في المنطقة نفسها.
نحتاج حواراً متكافئاً
وتحدث الزميل الإعلامي ديب علي حسن بداية عن مصطلح الحوار الإنساني وضرورته الآن، وعرج على معنى الإنساني هنا في هذا العالم النوراني الذي هو قلب الحضارات، وبين أن الإنساني هو الدرجة العليا الكلية المكتملة، وليس الإنساني بالمفهوم الغربي.
فللحوار بين الطرفين شروطه، وأولها التكافؤ، وألا يحملا أفكاراً مسبقة، ويجب أن يصلا إلى نتيجة واحدة، ورأى أن ثمة تناقضاً جذرياً مثلاً في الحضارات التي يجب أن تتكامل، بدل أن تتصارع، فحضارة الشرق نورانية فلسفية تقوم على التفاعل والاحترام، بينما يقوم الغرب على إرث حضاري دموي، ولهذا يرى أن العالم يمر اليوم بمأزق حقيقي، ومع ذلك فلولا الحوار كما يقول “لما كنا هنا”.
وأضاف حسن: بدل أن تساهم المنصات بالحوار، نرى مثلاً الأمم المتحدة أصبحت مكاناً لفرض الإملاءات، بحجة أنها تتدخل للمساعدة، وقد استشهد بدوره بما جاء بكتاب نعومي تشومسكي “النزعة العسكرية الامريكية” ويقول فيه ساخراً: “نحن سنرسل طائراتنا فوق البلدان التي نريد، وستلقي طائراتنا بالخبز والقنابل، وأيهما يصل إليك يكون هو حوارنا معك” وقد فعلوا ذلك في أفغانستان والعراق وغيرها.
لذلك نحن في هذه البوتقة السياسية وفي ظل انعدام القوى الحقيقية وعدم ترسخ القطبية الحقيقية في العالم، لا نستطيع أن نصل إلى حوار، فالحوار اليوم ليس متكافئاً رغم ضرورته الملحة، وأي عالم ينتهي فيه الحوار لا شك سينتهي إلى الفناء.
الشعوب تقودها نخبها..
وتوقف خالد العبود عضو مجلس الشعب عند مفهوم الحوار وعرفه بأنه أداة للتواصل، وأن يقول المحاور ما لديه ويستمع في الآن نفسه إلى رأي الآخر، وألا يبدأ الحوار بمسبقات لئلا يهيمن أحد الأطراف على الآخر، وهذا ينطبق على الحوار بقضايا الحياة جميعها “الاقتصادية والاجتماعية وغيرها” فالحوار الإنساني مفتوح على كل العناوين، ولكنه ليس ملزماً، فالشعوب لا تتحاور بل هي تتواصل، وكل شعب يقدم ما لديه، والنخب هي التي تقوم بالحوار “المثقفون، الأدباء، الفنانون ..”
وأضاف: هناك حوامل للحوار تمثلها النخب الثقافية، ونحن في سورية نتحاور كسوريين تحت عناوين “جوامع وطنية” وهو دستور البلاد، فالدستور هو الجامع الوطني الحقيقي للسوريين، والحوار الذي يجب أن يحصل بين السوريين بهذه اللحظة وبين مجموعات منهم، يجب أن يكون لجهة الجامع الوطني، عن طريق النخب، تحدد من خلاله مفاهيم معينة ناظمها الأساس هو الدستور.
مداخلات
وفي ختام الندوة قدم الحضور مداخلات هامة عن أهمية الحوار، وكم نحن بحاجة إلى ترسيخ ثقافة الحوار، وتحصين الأجيال من غزو ثقافي تطرحه تكنولوجيا العصر، وأغنت النقاشات الندوة بالكثير من الأفكار التي تكرس معنى الحوار الحقيقي المبني على أسس ناظمة له وأهمها التكافؤ، ودور النخب الثقافية.