في الوقت الذي نقرأ فيه أن مجلس الوزراء يؤكد في جلساته على زيادة الإنتاج وتأمين مستلزمات تلك الزيادة نجد أن الزراعة الاستراتيجية للساحل السوري والرئيسية للاقتصاد الوطني تشهد منذ أربع سنوات وحتى الآن تراجعاً مخيفاً سنة بعد أخرى لتصل نسبته هذا العام إلى نحو أربعين بالمئة للحمضيات مقارنة بإنتاج عام 2018 الذي كان مليوناً ومئة ألف طن بينما إنتاج هذا العام لا يتجاوز الستمئة وخمسين ألف طن!
نقول إن هذه الزراعة استراتيجية للساحل لعدة أسباب فهي تشغل مساحة ثلاثة وأربعين الف هكتار فيها نحو أربعة عشر مليون شجرة المثمر منها يصل عدده لنحو ثلاثة عشر مليون شجرة، وتعمل بهذه الزراعة وتعتاش منها نحو ستين ألف عائلة من أبناء محافظتي اللاذقية وطرطوس وبعض المحافظات الأخرى، وهي رئيسية للاقتصاد الوطني لما توفره من موارد مالية للمزارعين والعاملين والمشتغلين ومن رسوم للخزينة ومن قطع أجنبي عند تصدير بعض الكميات منها للخارج ولما توفره على الخزينة من قطع أجنبي كنّا سندفعه لو كنّا نستورد الحمضيات..الخ
لقد حذرنا في مقالات سابقة وحذر زملاء لنا من المشكلات التي تعاني منها هذه الزراعة، ومن مخاطر تراجعها، ومن ثم تراجع إنتاجها سنة بعد أخرى وطرحنا الحلول- على لسان مزارعين ومختصين ومعنيين- التي من شأنها وقف التدهور والتراجع لكن للأسف بقيت الجهات الحكومية ذات العلاقة في القطاعات الزراعية والتجارية والاقتصادية والمالية في حالة سلبية تجاه هذه التحذيرات، ومن ثم بقيت المشكلات قائمة والحلول نائمة ما أدى إلى هذا التراجع الخطر جداً.
إن هذا التراجع المستمر للإنتاج (بمعدل 200 ألف طن كل عام)له أسباب جوهرية معظمها تتحمل مسؤليته الجهات الحكومية المعنية وفق ماأكده لنا الكثير من المزارعين والمختصين والمهتمين، وبالتالي يفترض أن يتم تشكيل فريق وطني متخصص يضم ممثلين عن وزارات الزراعة والتجارة الداخلية والاقتصاد والمالية، واتحاد غرف الزراعة واتحاد الفلاحين ومكتب الفلاحين المركزي ومحافظتي طرطوس واللاذقية مهمته تحديد هذه الأسباب بدقة، والمسؤولين عنها واقتراح الحلول التي من شأنها إعادة هذا الإنتاج خلال أربع سنوات إلى ماكان عليه وتطويره كماً ونوعاً.