سفر الختام – الإصحاح الثاني والعشرون ماذا أعددتم للشتاء؟!

 

تسمحون لي ببعض المبالغة .. هي تأتي ليس بحثاً عن الإثارة، بل تصوير الموقف الذي أحرص على نقله بأمانة يقتضي المبالغة غير المقصودة ..!! نعم هناك مبالغة غبر مقصودة فأنت عندما تنقل الصورة من بيئة إلى أخرى قد تقع في المبالغة..

سأخفف الوقع لأبدأ بمبالغة من الزمن الذي مضى ثم أعود إلى المبالغة الراهنة..

من زمان .. وأنا صغير .. طل إلى زيارتنا رجل من حكماء القرى، ويجب أن تعرفوا من هم حكماء القرى .. إنهم حكماء لا أحد يأخذ بحكمتهم .. إنما يستمع لهم أحياناً .. ثم هم ومن كثرة التكرار وجرأة الكلام ولباقة الحديث .. ومن ضغط الحاجة أيضاً يستشارون أحياناً ..

سأله أبي: شو خبيت للشتوية يا حمدو ..

قال حمدو: مكدس قرامي .. ومكدس حطب .. ومكدس حمو .. وطيّنا البيب والسطح وحضرنا “المعرجلينة” …لا أدري إن كنت أحتاج شرح الكلمات .. سأشرح فقط “المعرجلينة ” والباقي كله له اشتقاقاته اللغوية السليمة .. وهي مدحلة صغيرة تجر باليد فوق السطح الطيني الرطب فترص الطين وتزيد تماسكه ليمنع تسرب مياه الأمطار والدلف ..

قال أبي: هذا للدفا .. والتنور والطبخ .. شو للأكل؟

قال حمدو: طن قمح .. ونصف طن شعير وشوية تين يابس ..مع مكدس تبن للبقرة والدبات .. وبدنا نشتري زنبيل تمر ..

واتفق الرجلان أن ذلك يكفي بعبارة “نعمة الله”

كانت أيام صعبة .. التدفئة على قرامي الحراج والطبخ على الحطب والخبز على التنور .. و.. إلخ ..

منذ أيام وبعدما ودعنا – على أساس – تلك الأيام .. وافتقدنا تقريباً كل ما أوردته وافتقدنا معه المازوت والبنزين والكهرباء .. سألت عيسى “ابن حمدو” وهو رجل كبير في السن متذكراً تلك الحوارية الكسولة بين والدي ووالده:

شو جهزت للشتوية يا عيسى ..؟

قال: القبر .. أخشى أن لا يجدوا معي حق الكفن ..

نحن اليوم هنا .. وتدفعنا الحياة بقوة وسرعة نحو الماضي ..

ولا حطب ولا تنور ولا قمح ولا زنبيل تمر ولا بقرة ولا ..

إلى أين ..

لا تتشاءم يا عيسى ..

 

As.abboud@gmail.com

آخر الأخبار
تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي