الربابة: سفيرة النغم الشعبي وحارسة الذاكرة

الثورة -همسة زغيب:  

تصدح الربابة منذ قرون في المجالس والمضافات، وتملأ الأعراس والاحتفالات الشعبية بأصوات العتابا والملاحم وقصص عنترة وأبي زيد الهلالي.

تحكي بخيوط صوتها ذاكرة جماعية، وجلست إلى جانب الشعراء والرواة في البادية السورية والفلسطينية، لتكون صوت الفرح في الأعراس، وصوت الحزن في المآتم، وصوت الفخر في قصائد الحماسة.

بهذه العبارات استهلت الدكتورة نجلاء الخضراء الندوة التراثية في المركز الثقافي في العدوي بعنوان “الربابة: سفيرة النغم الشعبي”.

وأوضحت أن الربابة لم تكن مجرد آلة موسيقية، بل وثيقة حية تنطق بلسان الهوية، تحفظ حكايات الأرض والناس، وتعيد تشكيل وعيهم الثقافي.

في فلسطين، اجتمعت الربابة في الديوانات والمضافات والبيوت، ترافق الشعر البدوي والزجل والموشحات، وتشارك الناس مواسم العمل والمناسبات الاجتماعية، لتصبح جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية.

وفي سوريا، ظلّ حضورها علامة على الأصالة، إذ رافقت الرحالة والبدو في حلّهم وترحالهم، وأصبحت أساس المجالس الشعبية، إذ يبدأ أحد الحاضرين بالعزف، ثم ينتقل الدور إلى الآخر، وصولاً إلى الضيف الغريب الذي يُظهر معرفته بالهوية والانتماء من خلال العزف والقصائد.

وأكدت الخضراء أن الربابة نافذة على أرواح الأجداد، تحمل في طياتها الحزن والفرح والغربة والحنين، وتصرخ بصوت الهوية الذي لا يُمحى.

وقد شاركت الربابة في مهرجان دار الثقافة العالمية في باريس عام 2018، مع فرق أجنبية، ولقيت استحسان الجمهور الغربي، لتصبح اليوم سفيرة النغم العربي وحارسة الهوية في المهرجانات السياحية والتراثية.

التراث المادي

العازف عايش الكليب، لم يكتفِ بشرح مكونات الربابة وأساليب عزفها، بل قدّمها كوثيقة حضارية عمرها آلاف السنين.

وصفها بأنها عروس المجالس وزينة بيوت الجزيرة الفراتية، إذ كانت ترافق الشعراء والفرسان وشيوخ القبائل في مجالسهم، وتُعتبر جزءاً من الهوية التي لا تنفصل عن الأرض والإنسان.

وأوضح أن الربابة ليست مجرد آلة موسيقية، بل تراث مادي حيّ، يحمل كل جزء منها رمزيته:

– الهيكل الخشبي المزخرف: يرمز إلى أصالة البيت العربي.

– الجلد المشدود: يعكس صلابة الإنسان وقدرته على مواجهة قسوة الحياة.

– السبيب المصنوع من شعر ذيل الخيل: يربط الآلة بروح الفروسية والبطولة.

– الكراب والغزال والمخدة: ليست مجرد أدوات تقنية، بل عناصر تحفظ نقاء الصوت وتمنحه وضوحاً، وكأنها تحفظ نقاء الذاكرة نفسها.

شدّد عايش الكليب على فكرة أن الربابة آلة جماعية، تُعزف في المجالس بالدور، إذ يبدأ أحد الحاضرين ثم ينتقل الدور إلى الآخر، وصولاً إلى الضيف الغريب الذي يُظهر معرفته بالهوية والانتماء من خلال العزف والقصائد.

وهذا الطقس الاجتماعي يجعل الربابة أكثر من مجرد موسيقا، إنها لغة للتواصل الجمعي، تُعيد تشكيل العلاقات بين الناس وتؤكد وحدة الهوية.

وأضاف: إن الربابة صمدت أمام الحداثة، وظلت رمزاً للمقاومة الثقافية، وواجهت محاولات التغريب والطمس، وبقيت شاهدة على أن الهوية العربية لا تُمحى.

فهي ليست آلة عزف فقط بل أرشيف وجداني ينقل الحزن والفرح والحنين، ويعيد للأرض صوتها الأصلي.

مؤكداً أن الربابة حافظت على الذاكرة الشعبية وتراثها، وعبّرت عن توحد الأرض العربية، ونقل صوتها الخام حياة البدو والفلاحين، وراوحت بين الحزن والفخر والحنين، لتكون أداة مقاومة للتغريب ورمزاً للعروبة والوحدة.

وختم الندوة بالتأكيد أن الربابة ليست مجرد خشب ووتر، بل ذاكرة وطنية صامدة، وسفيرة النغم الشعبي، وحارسة الهوية التي لا تنكسر أمام الزمن.

هي قصة مقاومة عبر كل نغمة تصدر عنها، ووطن يصرّ أن يبقى حياً في ذاكرة أبنائه، مهما حاولت الحداثة أن تطمس صوته.

آخر الأخبار
رفع الوعي والتمكين الاقتصادي.. لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي  انطلاق مؤتمر ريادة الأعمال العالمي في درعا.. وتأكيد على دور الشباب في التنمية وفد وزارة الإعلام السورية يشارك في انطلاق أعمال اللجنة الدائمة للإعلام العربي بالقاهرة مطار دمشق.. 90 ألف فرصة عمل تزرع الأمل في المجتمع السوري قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع أهالي الحميدية من صيانة خط ضخ المياه الرئيسي "موصياد" التركية تختتم برنامج الاستثمار والتعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع سوريا الدورة الأولى لمهرجان ضاحية الشام.. حضور جيد وملاحظات على الأسعار والعروض الرئيس أحمد الشرع يستقبل وفداً من "الكونغرس" الأميركي في دمشق الطاقة البديلة تتقدم في سوريا.. ارتفاع أسعار الكهرباء يسرّع التحول قطاع الأقمشة يواجه تحديات جمركية ويطالب بحماية المنتج المحلي بطاقة 1.2 مليون طن.. معمل فوسفات حمص يستأنف الإنتاج بعد توقف 10 سنوات ارتفاع إصابات التهاب الكبد A بعدة محافظات.. والصحة تؤكد: الوضع تحت السيطرة توسعة معبر "نصيب- جابر".. اختبار حقيقي لتعافي التجارة السورية- الأردنية رغم تراجع الكلف.. مطاعم دمشق تحافظ على أسعارها المرتفعة وتكتفي بعروض "شكلية" رماد بركان إثيوبيا يعرقل حركة الطيران ويؤدي إلى إلغاء رحلات جوية الليرة تحت وطأة التثبيت الرسمي وضغوط السوق الموازية تحرك سريع يعالج تلوث المياه في كفرسوسة ويعيد الأمان المائي للسكان "اتفاقية تاريخية" لتطوير مطار دمشق.. رسائل الاستثمار والتحول الاقتصادي أردوغان يطرح التعاون مع كوريا الجنوبية لإعادة إعمار سوريا السيدة الأولى تمثل سوريا في قمة "وايز" 2025..  خطوة نحو تعزيز التعاون الدولي وتنمية التعليم