الثورة – ترجمة رشا غانم:
بسبب الحرب الأوكرانية المستمرة وارتفاع أسعار الطاقة في الدول الأوروبية، أصبحت المناقشات حول العلاقات الصينية الروسية في الداخل والخارج أكثر حدّة، إذ شكك البعض في التطور المستمر للعلاقات الصينية الروسية.
الحقيقة هي أنّ الحفاظ على العلاقات الودية بالنسبة للصين وروسيا هي حاجة موضوعية وواقعية، إن المصلحة الاستراتيجية الأهم والأطول أجلاً بالنسبة لأي بلد هي خلق بيئة سلمية ومواتية، من أجل ضمان التنمية السلسة لاقتصادها ومجتمعها.
تشترك الصين وروسيا في حدود طولها 4300 كيلومتر، وكانت في وقت من الأوقات مأهولة بملايين القوات، لكن من خلال الحوار والتبادلات على أساس الثقة المتبادلة، أقام البلدان علاقات ودية منذ حوالي ثلاثة عقود وألغيا الحاجة إلى نشر ملايين الجنود على طول الحدود.
ساعدت العلاقات الودية كلا الجانبين على حماية مصالحهما بشكل أفضل دون الاضطرار إلى الخوف والانزعاج بشأن تهديد أمنهما القومي من بعضهما البعض. كما رفعت الدولتان حجم التجارة بينهما إلى مستوى قياسي.
وبينما تزود روسيا الصين بطاقة مستقرة ورخيصة ونظيفة، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لروسيا، مع استفادة العديد من الدول خارج المنطقة من العلاقات الودية الصينية الروسية.
هذا وأقيمت العلاقات الودية الصينية الروسية بفضل العمل الجاد من قبل الشعبين والحكومتين، وخاصة كبار قادة البلدين والآليات التي تعمل بشكل جيد. إذ تقوم الصداقة الصينية الروسية على أساس التفاهم المتبادل العميق والدروس المستفادة من التجربة التاريخية التي امتدت 400 عام بين البلدين.
وأصبحت الصين وروسيا المدافعين عن السلام والتنمية في المنطقة وخارجها. كما أن التبادلات الودية بين البلدين لم تخلق فقط فرصاً للسلام والتنمية للشعبين فقط، ولكنها عززت أيضاً السلام والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
يخبرنا التاريخ أن تطور العلاقات الصينية الروسية له مساره ومنطقه الخاصّان، واللذان لا يمكن أن يتأثرا أو يتغيرا بأي حدث.
أما بالنسبة للأزمة الروسية الأوكرانية، فهناك أسباب تاريخية خاصة وراءه، لذا من الأفضل للدول الأخرى المساعدة في إنهاء الصراع بدلاً من صب الزيت على النار، فما يمكنهم وما يجب عليهم فعله هو إقناع الطرفين بوقف إطلاق النار وتسوية خلافاتهما من خلال المفاوضات.
ومن جانبها، اتخذت الصين موقفاً موضوعياً وعقلانياً بشأن النزاع الروسي الأوكراني مع الحفاظ على الحياد، وهو نهج أكثر عقلانية يمكن أن يساعد في تهدئة التوترات.
ومع ذلك، تضغط الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية على الصين والهند ودول ناشئة أخرى للانحياز إلى جانب في الصراع بين أوكرانيا وروسيا، والأسوأ من ذلك أنهم كانوا يحاولون تقسيم العالم إلى معسكرين موالين لأوكرانيا أو لروسيا، لحسن الحظ، هذا شيء لن تفعله غالبية الدول الناشئة.
يجب على القوى الكبرى الانتباه إلى أصوات الدول الأخرى، لاسيما الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند، لأسباب ليس أقلها أنها تمثل القوى الإيجابية التي تعزز التعددية القطبية. وبعد كل شيء، في عالم يزيد عدد سكانه عن 7 مليارات نسمة، لا يستطيع عدد قليل من الناس التحكم بالمصير العالمي.
وعلى الرغم من أن الصين عانت “قرناً من الإذلال” على يد القوى الاستعمارية، إلا أنها لم تستعمر أو تضطهد دولاً أخرى، وبصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وثاني أكبر اقتصاد في العالم، يحق للصين أن تختار ما تفعله وما لا تفعله، ولا تحتاج إلى مشورة الآخرين، بينما قررت الصين أنّه، ومن مصلحتها -وكذلك في مصلحة منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوراسيا والعالم- الحفاظ على العلاقات الطبيعية مع روسيا وتطويرها.
التالي