الثورة – مريم إبراهيم :
تعد توصيات المؤتمرات والندوات والورشات ، لاسيما المهمة والتي تطرح العناوين الكبيرة المعنية بجميع شرائح المجتمع الخلاصة النهائية للكم الكبير من النقاشات والطروحات التي تتم مناقشتها وفتح الحوار بشأنها وما يثار حولها من الأخذ والرد ليخرج المجتمعون بجملة من التوصيات التي تدعم كل ماطرح وتدعو للعمل والتنفيذ .
الجدوى والخطة
لكن بشكل عام يلحظ أن مجمل التوصيات للمؤتمرات بتخصصات مختلفة تدخل الإدراج بعد انتهاء المؤتمر ، رغم أهمية العمل بها وتأكيد الخبراء والمختصين والجهات التي صاغت هذه التوصيات ، دون أي جهد لطرحها والأخذ بها واطلاق صافرة العمل بموجبها ، ولتظل حبيسة الأدراج ولفترات طويلة ، ما يطرح مزيداً من التساؤلات حول جدوى التوصيات إن لم ترسم خطة ومحاور التطبيق الفعلي لها.
في صميم الحاجة
وعلى سبيل المثال لا الحصر بدت توصيات المؤتمر الدولي الثالث للطاقات المتجددة بمجملها في صميم موضوع الطاقات المتجددة ، حيث أنظار العالم تتجه نحو الطاقات المتجددة كونها وسيلة وغاية، وفي سوريا تبدو الحاجة ملحة للتحول الطاقي ، لاسيما في ظل الظروف الراهنة والتحولات المتسارعة التي تتطلب العمل والإسراع بهذا الأمر.
في هذا الجانب يبين المهندس السموءل المصطفى من هيئة الطاقة الذرية أن الطاقات المتجددة هي هوس العالم وحديث الساعة وهي هدف ووسيلة ، اي هدف للتحول الطاقي ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وتخفيض انبعاثات الغازات ، وهي وسيلة للهروب من التهام الاقتصاديات العالمية للنفط والغاز والتذبذب الموجود في أسعارها ، إضافة لمسألة تخفيض فواتير الاستيراد الناتجة عن استيراد حوامل الطاقة .
ميزات عمل
ولفت المهندس المصطفى إلى الميزات الكثيرة للطاقات المتجددة ، فعالمياً يتم التوجه إليها بأربعة عوامل لجهة تلبية الطلب على الطاقة وهو غاية وطنية ، وتخفيض فاتورة الاستيراد وتخفيض انبعاثات الغازات الدفينة، وكذلك خلق فرص عمل ، ومن مميزاتها أنها يتم توليدها بشكل محلي ، أي زيادة المساهمة الوطنية في مزيج الطاقة الوطنية ، مما يؤدي لتخفيض فواتير الاستيراد ويسمح بتخصيص إرجاع قطع اجنبي لخزينة الدولة ، وفي سوريا البلد الخارج للتو من الأزمة حققنا الجزء الأصعب، حيث أنه حتى الآن لاسيطرة على مصادر الطاقة فيه ، ويبدو الخيار المتاح وهو الطاقة المتجددة الشمسية والريحة بشكل أساسي.
طاقة مرنة
وأشار المهندس المصطفى إلى أن الطاقة الشمسية طاقة مرنة ، فمثلاً يمكن تركيب استطاعات مختلفة في بيت واحد ، وممكن تركيب مزرعة ريحية استطاعتها ٣٠٠ كيلو واط ساعي ، فيمكن البدء باستطاعة صغيرة ثم التوسع كلما زاد التمكن من ذلك ، وهذه مرونة قد لا يتيحها أي مصدر آخر من مصادر الطاقة ، وفي دولة أنهكت بالحرب لابد وأن نبحث عن المصادر المحلية أولاً وبشكل أساسي ، ولأجل ذلك لابد من وجود حراك اقتصادي سياسي تشريعي ويجب أن يكون مدعوماً بتثقيف المجتمع وعلى المستوى الثقافي والعلمي ، ولابد من إعادة ولادة جديدة ووجود سياسة طاقية جديدة يرسمها صانع القرار للوصول لسياسة طاقية آمنة ومستدامة تحقق الهدف والغاية.
استراتيجية وطنية
وبما يخص مؤتمر الطاقات المتجددة الذي بحث في الحلول والاستراتيجيات للمواضيع الطاقية بين رئيس شعبة هندسة الطاقة الدكتور وجيه ناعمة أن المؤتمر الذي أقيم في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية على مدى ثلاثة أيام خرج بعدة توصيات منها اعتماد استراتيجية وطنية شاملة للطاقات المتجددة واستثمارها لأنها مفتاح إعادة الإعمار المستدام ، و العمل على توفير الدعم اللازم للاستثمار في طاقة الرياح نظراً لوجود كمون ريحي عال في سوريا ، و طرح اعتماد استثمارات حكومية مركزية تستهدف تنظيم تخزين الكهرباء لما له من أهمية في استقرار النظام الكهربائي .
وأكدت التوصيات على العمل على تكاتف جامعة دمشق مع الوزارات المعنية ونقابة المهندسين وبناء شراكات فعالة مع القطاعين الخاص والعام تحقق التزاوج بين البحث وقضايا المستثمرين ، إضافة إلى العمل على ترخيص تقنيات الطاقات المتجددة غير الموجودة في سوريا والبدء بالترخيص لها ، وتهيئة البيئة التشريعية والتنفيذية المناسبة لتشجيع استخدام الطاقات المتجددة لإعادة سوريا الجديدة كفرصة للاستثمار في القطاعات الإنتاجية، و التوجه نحو إنتاج السيارات الهجينة وحافلات النقل الجماعي الكهربائية ، والتأكيد على العمل بمضمون مرسوم تطبيق العزل الحراري في الأبنية ، والعمل على إنجاز أبحاث علمية وخصوصاً في مجال الدراسات العليا بين الجامعة والوزارات ، و تحسين البنية التحتية وشبكات الكهرباء وتطوير شبكات ذكية قادرة على تتبعها في النظيفة مثل الطاقة الشمسية والحرارية ، واعتماد نظم العمارة الخضراء في مرحلة إعادة الإعمار وتشجيع استخدام الهيدروجين الأخضر في الصناعة الطاقية ، وتحسين قانون التطوير العقاري وربطه بمكتب الاستدامة في كليةالهندسة المدنية الذي أحدث مؤخراً.
هدف وغاية
وتبقى التساؤلات هل تبصر هذه التوصيات النور وتطلق لها الجهات المعنية بالطاقات المتجددة صافرة البدء والتنفيذ ، أم أنها ستبقى رهينة الأدراج المنسية ، مع الإشارة لأهميتها والحاجة إليها ، خاصة مع المحاور التي نوقشت وباستفاضة بما يخص تقنيات توليد الطاقة من المصادر المتجددة بما فيها الشمسية والريحية وخلايا الوقود والحرارة الجوفية والكتلة الحيوية، إضافةً إلى تحسين مؤشرات كفاءة الطاقه في القطاعات الصناعية والخدمية والزراعية ومساهمة الطاقات المتجددة في الاستدامة والحفاظ على موارد الطاقة ، وكذلك تعزيز البحث العلمي في مجال الطاقات المتجددة وتطبيقاتها ودعم توجه الاستثمار فيها بشكل صحيح ومدروس ،و إيجاد حلول فنية لتعزيز استقرار ورفع وثوقية الشبكة الكهربائية وتجنب حالات التعتيم العام ، وبما يحقق الهدف والغاية ، والاستثمار الأمثل في الطاقات.