ظافر أحمد أحمد
العالم الذي أنتج حربين عالميتين لم يمتلك مقومات الاستقرار التي تمنع حرباً عالمية ثالثة، والساحة الأوروبية تحديداً والتي كانت الميدان الأساسي للحربين العالميتين هي حالياً ساحة رئيسية تتلاعب واشنطن بقرار قادتها وتوجهاتهم، فالولايات المتحدة نجحت في مصادرة قرار السلطة الأوكرانية وتسببت بالحرب الأوكرانية الحالية، وهي تستثمر هذه الحرب لإضعاف أوروبا وإكمال نجاحها في مصادرة ناجزة لقرار دول الاتحاد الأوروبي.
تقدّم التداعيات الناجمة عن الحرب الأوكرانية درساً واضحاً، ويمكن صياغته بالسؤال: هل فعلاً هدف الولايات المتحدة إضعاف الاتحاد الروسي أم إضعاف الاتحاد الأوروبي؟!
عند التذكير بالمنافسة الدولية على الأسواق العالمية، فإنّ المصلحة الأميركية تقتضي إضعاف (الصين، والاتحاد الأوروبي، وروسيا..) بشكل أساس، والموضوع يحتاج إلى روية في الوصول إلى جواب مفاده أنّ أولوية واشنطن إضعاف الاتحاد الأوروبي قبل غيره.
تشكل خطط واشنطن بالوصول إلى جعل قرار موسكو بيدها ضرباً من ضروب الخيال، ولا يمكنها التفكير بمقدرة ما تجعلها تمسك بالاقتصاد الروسي على سبيل المثال، وهي تعي جيداً أنّ السوق الروسية أيضاً لن تكون منفذاً ومنقذاً للسلع الأميركية الاستراتيجية (النفط- الغاز – السلاح).
أيضاً لا يمكن لشركات السلاح والطاقة الأميركية المتحكمة بقرار واشنطن اقتصادياً وسياسياً التفكير في ولوج السوق الروسية أو غزوها، بينما الأمر سهل عندما تتحدد الوجهة بدول الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية التي عقدت وتتوسع في تعاقداتها مع الولايات المتحدة لإنجاز صفقات كبرى لتسليح الجيوش الأوروبية.
كما أنّ الولايات المتحدة وظّفت الحرب الاقتصادية التي شنّتها على الاتحاد الروسي لتغلق أي سبيل أمام الاتحاد الأوروبي لتأمين الطاقة إلاّ من الطاقة الأميركية أو عبر بوابة الرضا الأميركي.
وهذا ما يؤكد أنّ الأولوية الأميركية إضعاف أوروبا، لأنّها سهلة المنال وفي مرمى خططها.
كما يشكل إضعاف الاتحاد الأوروبي أداة أميركية في غاية الأهمية ضمن هدفها الاستراتيجي الأكبر الخاص بإضعاف الصين، فعندما تضعف أوروبا تشكل قيمة مضافة في تبعيتها للقرار الأميركي، وكما وجدت واشنطن الاتحاد الأوروبي الأداة الرئيسية في حرب محاصرة الاقتصاد الروسي، سيكون ذات الأداة في محاصرة الصين عندما يحين الوقت المناسب أميركياً.
وطالما التسخين الأميركي محتدم في ملف تايوان فإنّ طبول الحرب في بحر الصين تتحضّر، وسواء حدثت حرب تايوان أو لم تحدث فإنّ المخطط الأميركي ثبت ويثبت نجاحه في السوق الأوروبية وسلب القرار الأوروبي.