تنوع الأعمال التشكيلية ودورها في تشكيل الذائقة الفنية البصرية

الثورة – أديب مخزوم:
عدد العاملين في إنتاج وعرض اللوحة التشكيلية يتزايد عاماً بعد أخر، وخلال سنوات الحرب على سورية برزت أسماء جديدة كثيرة لم تكن معروفة قبلها، هذا التنويع في اختيار الأعمال الفنية وعرضها يساهم في تغذية الحساسية البصرية لدى الجمهور، ويعمل على إيصال العمل الفني إلى شريحة من المهتمين، الذين يمتلكون الأساس لاستشفاف جماليات وتعبيرات الفنون الحديثة، والذائقة الفنية البصرية والروحية للناس، تتغير وتتبدل، بفضل المعارض والنقد البناء والإعلام الهادف، ولاتبقى كما كانت منذ عقود.
والمناهج التعليمية المدرسية عندنا باتت تركز على المنطلقات الجمالية الحديثة، بعد صدور سلسلة كتب (التربية الفنية التشكيلية) في المراحل التعليمية، وهذا أيضاً يعمل على تنمية الحساسية البصرية والروحية، ويعطي التلميذ أو الطالب دفعة تصاعدية ويمنح الموهوبين منهم حرية في التعامل مع الرموز والأشكال بتلقائية مرهفة، في خطوات اكتشاف رموز وتشكيلات اللوحة من مبدأ تفهم عوالمهم واهتماماتهم أولاً، وحسب المنطلقات التربوية المعاصرة، والمشكلة الكبرى أن النخب التربوية ومنذ البداية لم تك قادرة على استيعاب مسألة المقاربة بين مادة الرسم وبين المواد الدراسية الأخرى، الشيء الذي كرس ظاهرة النظر إلى حصة الرسم في المدارس على أنها حصة فراغ يجب شغلها بمادة أخرى حسب المزاج، والمزاجية هنا تعني تكريس المزيد من عوامل الانحطاط التربوي والاجتماعي والابداعي، ونعتقد أن نظرة المجتمع إلى الفن قد إرتقت نحو الأفضل.
فوجود بعض اللمسات التعبيرية الانفعالية في اللوحة السورية تعتبر مجازفة تؤدي أما إلى إبهار جمهور النخبة من المتذوقين القلائل، وأما إلى صدمة الجمهور غير المهيأ أو المؤهل لاستيعاب تعبيرات الجماليات التشكيلية الحديثة والمعاصرة.
وهذه المفارقة الجمالية تطرح السؤال المقلق: هل نطالب الفنان أن يتخلص من المقولات التنظيرية ويعود إلى اللوحة الواقعية المفهومة من الناس جميعاً، أم نطالب الناس بالارتقاء إلى مستوى العمل الفني واستشراف جمالياته المعاصرة.
لاشك أن التحديث الأوربي الصرف، قد أوصلنا إلى مشكلة حقيقية، يرددها الجميع تفيد بوجود ثغرة كبيرة في العلاقة بين الفنان التشكيلي والجمهور، ومع ذلك نحن نرفض العودة إلى الزخارف والصيغ والأشكال الجاهزة، لابد إذاً من استقطاب العين الذواقة الأكثر قدرة على استشراق العلاقة المتوازنة بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، لأن رفض الفن الحديث واتجاهاته، يعني في النهاية تهميش جمهور النخبة وثقافته المعاصرة.
من هنا ضرورة الاهتمام بإدخال علم الجمال الحديث في المؤسسات التربوية والتعليمية، في مستواها الإبتدائي والثانوي والجامعي، فكل حديث عن الثقافة العربية المعاصرة، أوعن المشروع الحضاري العربي لا يهتم بالقيم الجمالية والفكرية للفنون الحديثة يبقى حديثاً ناقصاً، ذلك أن المجهود التنويري، مجهود عام يشمل العقل والسلوك والذوق.
مع إعطاء الأهمية الأولى للموهبة في تحديد المسيرة الحياتية والمستقبلية للإنسان، واعتبارها بمثابة المدخل الحقيقي لاختراق حاجز الخمول الإبداعي، والمنطلق الحيوي للإبداع والإكتشاف والإبتكار .
ومن أجل الوصول إلى تطور فني متكامل، يجب أن يترك الطالب في حالة من الحرية والنقاء المطلق، وذلك بإخضاعه بعد حصوله على الثانوية لاختبار صعب وهذا الامتحان يحدد مستقبله حسب مواهبه وميوله ورغباته وقدراته الإبداعية والإبتكارية.
هكذا يمكن بلورة الاتجاهات الإنمائية التربوية الصحيحة، التي يمكن أن تثمر في المستقبل بظهور جمهور عريض للفن التشكيلي، على غرار الفنون الأخرى، عندئذ تتحول كل الأعمال التشكيلية إلى ظاهرة جدلية تواكب التطور التكنولوجي، وتشارك في تكوين الذوق العام، بعدما كانت مجرد ملكية خاصة لا يتذوقها إلا القلة القليلة والنادرة، ولا يقتنيها إلا من له إمكانيات النخبة الاقتصادية لا لتلبية حاجة حياتية، وإشباع رغبة دفينة في نفس المقتـنى أو الشاري، وإنما كمظهر من مظاهر الترف الثقافي، فالتوعية الفنية لجماليات الفن الحديث يمكن أن تتم عبر الخطط المقررة لتلاميذ المدارس في مراحلها المختلفة.
وإذا كان الدور الحقيقي للمعارض الفنية يكمن في استقطاب الجمهور والتحريض لظهور يقظة إبداعية في المجتمع، فإن ذلك لايتم بالتركيز فقط على الأعمال الواقعية، التي لا تقبل التأويل ولاتحتاج لثقافة أو لحساسية بصرية عالية، مما يستوجب بالضرورة الوقوف وقفة تأمل ومراجعة بعض العبارات الجاهزة، التي لا تتناسب بأي شكل من الأشكال مع مفهوم الفن والإبداع وعلاقته بالمجتمع والناس، لأن خلط الأوراق بهذه الطريقة، يزيد من حدة المراوحة والاستلاب في الطريق.

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى