الثــــورة:
قبل أن تجد لوحات الدوائر القديمة طريقها إلى مكب النفايات ، تمنحهم الفنانة جولي أليس تشابل Julie Alice Chappell ، حياة جديدة كحشرات مدهشة مجنحة.
حيث تقوم أليس بقطع وتشكيل وتطويع أجزاء من رقاقات الألواح من أجهزة الكمبيوتر القديمة وأنظمة ألعاب الفيديو ، ولوحات الدوائر الموجودة داخل الإلكترونيات المهملة، حيث تقوم بتقطيعها وتقسيمها ونحتها في هيئة مخلوقات زاحفة تشبه الفراشات والنحل والدبابير واليعسوب وحتى الصراصير. تم تزيين الحشرات المعاد تدويرها بمكونات كهربائية أخرى على مراحل مختلفة. لتظهر منحوتاتها الحشرية المدهشة كل قطعة فريدة من نوعها وكأنها استنساخ لحشرات واقعية ولكن في بيئة مختلفة وبفرضيات وأبعاد ومكونات مختلفة.
تقول أليس: “يتضمن عملي الفني تحطيم المواد الموجودة مسبقًا ، وإعادة تفسيرها وتقديمها بشكل جديد وهيئة جديدة لغرض جديد ، وحيث أسعى لخلق شيء جميل وغريب الأطوار وثمين”.
حشرات جولي المجنحة تعد من “فن علم الحشرات التكنولوجي ” ، وهو فن مختص بـ حشرات أو مخلوقات صغيرة فنية تُصنع من النفايات التكنولوجية، على أن جولي تطلق على مشروعها الفني اسم ” Computer Component Bugs” ، وهذا الاسم له دلالتين فكلمة bug تعنى حشرة الخنفساء، كم أنها تعني إصابة برامج الكمبيوتر أو مكوناته البرامجية بـ (الفيرسة) .
رادت الفنانة في إبداع أعمالها لفت الانتباه إلى مشكلة التخلص من النفايات ، وبشكل عام إلى حماية البيئة، حيث تشير منحوتات جولي الحشرية لأهمية ” التكيف مع الحياة العصرية في ظل الحضارة التكنولوجية” . وقد تلقت كل حشرة قرارًا جديدًا خاصًا بها تعكس من خلاله أنواع المواد المهملة التي صنعت منها.
حيث توضح أليس بدأ كل شيء منذ عدة سنوات عندما صادفت صندوقًا كبيرًا من المكونات الإلكترونية الصغيرة في مؤسسة Beneficial Foundation في بورتسموث . ، حيث يتلقى المركز أشياء غير مرغوب فيها من مختلف الشركات، والتي تقوم بتمرير هذه “الكنوز المخفية” للمدارس ومجموعات المجتمع والفنانين.
تقول : “أول ما خطر ببالي عندما نظرت إلى هذه المكونات الإلكترونية ببريقها الآخاذ وشفافيتها المدهشة ،” كتلة من الأجسام الصغيرة والساقين … النمل..!”. “لقد أخذتهم إلى المنزل لأولادي وقمنا بصنع النمل “. بعد سنوات فقط ، عندما وجدت جولي الصندوق مرة أخرى ، خطرت لها فكرة جديدة، وكانت قد التحقت ببرنامج للحصول على درجة الفنون الجميلة، ومن ثمّ أدركت أنه يمكن استخدام تلك الاشياء في أعمالها الفنية. كجزء من مشروع تخرجها للحصول على شهادتها ، شاركت في الفن البيئي. خلال ورشة عمل ، والتقت ببعض الفنانين الشباب الذين كانوا يصنعون روبوتات بالحجم الطبيعي مع لوحات دوائر من أجهزة الكمبيوتر، وعلى الرغم من تخليهم عن مشروعهم ، استعادت تشابيل لوحات الدوائر الكهربائية إلى المنزل لأنها وجدتها “جذابة جدًا من الناحية المرئية الفنية ” ، وأثناء مشاهدة برنامج الطبيعة عن التنوع الحيوي ، فكرت في “النمل” الذي صنعته مع أبنائها من فترة والموضوع في الخزانة، وشرعت في إنشاء منحوتات مختلفة للحشرات باستخدام لوحات الدوائر الكهربائية التي تم العثور عليها حديثًا.
من خلال سلسلتها ، التي تحمل اسم Computer Component Bugs ، تأمل الفنانة في زيادة الوعي بـ “النفايات البيئية”.
تقول: “تمثل الأجزاء المعاد تدويرها من النفايات التكنولوجية المنسوجة في جميع أجزاء عملي مواجهة مباشرة مع تجاوزات الحياة الحديثة، مما يسلط الضوء على مخاطر التقادم المخطط له والنفايات الإلكترونية في البيئة”
بدءًا من العثور على الأجهزة الإلكترونية والكمبيوتر وتفكيكها وإعادة تجميعها وإضافة اللمسات الفنية لإنشاء شيء تم تحويله وإعادة تصميمه، ليقدم خطابًا اجتماعيًا وسياسيًا عبر محاولة استعادة الجمال في النفايات عبر الفن
وتعرف جولي “التقادم المخطط له” على أنه الممارسة العبثية لتصميم المنتجات عن قصد بحيث يكون لها عمر محدود من أجل زيادة الأرباح إلى الحد الأقصى بناءً على فكرة خاطئة مفادها أن النمو الاقتصادي غير المحدود يمكن موازنته بالموارد المحدودة للأرض، لافتة أن هذا هو الإلهام الرئيسي لعملها، حيث تعرض حشراتها المجنحة بعدّا جماليًا في محاولة هامة لاستعادة الهدر والعمل على إيقاف التدمير للعالم الطبيعي ، عبر جمال الفن المرئي.