مازال العمل في الكثير من مؤسساتنا يفتقد لآليات عمل ومتابعة ومساءلة محددة،يمكن أن تؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة على أرض الواقع، بدليل أن الكثير مما يقرره أو يوجّه به مجلس الوزراء في اجتماعاته الدورية وتنشره وسائل إعلامنا الوطنية، لانجد من ينفذه كما يجب على الأرض، ولا من يدقق أو يسأل عن سبب أو أسباب عدم التنفيذ، رغم مضي فترات طويلة على إقراره والتوجيه به!
الأمثلة على ماتقدم عديدة وسوف أشير إلى مثالين في زاوية اليوم ..فأمس وخلال جلسة مجلس الوزراء أكد المجلس-وفق ماورد في الخبر حرفياً-: “أهمية التوسّع بمشروعات المسامك الصغيرة والمتوسطة والبحرية والأقفاص العائمة لتربية الأسماك وتشجيع زراعة الإصبعيات في جميع المناطق الملائمة بهدف زيادة الإنتاج وتقديم المادة للمواطن بأسعار مناسبة”..طبعاً هذا التأكيد ليس الأول من نوعه بهذا الخصوص، فقد سبقه تأكيدات مماثلة من المجلس أو رئيسه على مدى سنوات سابقة، دون أن تتم إقامة أي مشروع بحري(عام أو خاص) لتربية الأسماك على امتداد الشاطئ السوري وزيادة إنتاجنا منها، ومن ثم تقديمها للمواطن بأسعار مقبولة كما هو الحال في معظم الدول الشاطئية على المتوسط وغيره، وبالتالي الاستمرار في حرمان ذوي الدخل المحدود من تناول هذا الغذاء المهم حتى الآن!
وهنا أقول إن آلية العمل المتبعة في اختيار المواقع الملائمة لهذه المشاريع، وفِي إصدار قرارات الترخيص بإشغال الأملاك البحرية، وفِي تحديد مدة الإشغال، وفِي تشجيع المستثمرين، مازالت تشكل عقبات تحول دون إقامة مثل هذه المشاريع الحيوية رغم محاولات بعض المستثمرين، ورغم حرص الوزارة المختصة..وأعتقد أن أي تدقيق أوتحقيق موضوعي في إضبارة أحد المستثمرين (المغتربين) الذي تحمس لإقامة مشروع كبير لتربية وإنتاج الأسماك البحرية بين الحميدية والمنطار جنوب طرطوس ليس له مثيل على شواطئ المتوسط، منذ مايزيد عن ثلاث سنوات كفيل بكشف الحقيقة المرّة لمن يريد أن يعرفها..تلك الحقيقة التي منعته من المتابعة!!
وفي جلسة الأمس أيضاً وجه مجلس الوزراء الوزارات المعنية بوضع الآليات اللازمة لتسويق موسم الحمضيات الحالي ..وطبعاً هذا التوجيه سيبقى دون تنفيذ كما العديد من التوجيهات التي صدرت خلال السنوات السابقة بهذا الخصوص، طالما لم يتم إقرار تلك الآليات قبل بدء الموسم،وطالما لم يتم توفير مستلزماتها وإلزام كل الوزارات والجهات العامة ذات العلاقة بتنفيذها،وهنا نقول إن النجاح في تسويق موسم الحمضيات الحالي يتطلب الكثير من الخطوات منها إلزام السورية للتجارة وفروعها باستجرار ما لايقل عن عشرين بالمئة من الإنتاج بأسعار تأشيرية تغطي التكلفة مع هامش ربح مقبول للفلاح،وتقديم كل التسهيلات للمصدرين إلى الخارج بما في ذلك استثناء الحمضيات من تعهد قطع التصدير أو تحديده مع الصرف للمصدرين على سعر الصرف الموازي للدولار، والعمل للسماح للبرادات السورية المحملة بالحمضيات بالدخول إلى العراق ودول الخليج.