جدوى حبس السيولة

مهما كان القرار أو الإجراء سليماً فإن هذا لا يعفيه من ظهور بعض العقبات المربكة، ولكن بمقدار السرعة في تلافيها وتحييدها بمقدار ما نضمن الاستمرار في تحقيق النجاح والاقتراب من الهدف أكثر.. والعكس صحيح.
الوسيط المشترك لمثل هذه الحالات – بشكلٍ عام – والكفيل بالوقاية من الوقوع في المطبات هو الحوار بين الأطراف المتأثرة التي عليها أن تُصغي بكل عناية لبعضها وصولاً إلى تشخيص الحالة ومستجداتها تمهيداً لاتخاذ القرار الأسلم والإجراء الأنفع.
نحن الآن بحاجة لمثل هذا الحوار، فملامح الاستعصاء تزداد يوماً وراء يوم بسبب الإجراءات في حبس السيولة، رغم أنها كانت فعّالة وهي ترمي إلى تثبيت سعر الصرف، ومكافحة التضخم والحد من المضاربة، وقد تمكن المركزي بجملة إجراءاته فعلاً من لجم ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي بمواجهة الليرة، فالدولار الذي تخطى خمسة آلاف ليرة منذ نحو عام نراه اليوم متراجعاً وكاد يثبت – في السوق الموازية السوداء – عند / 4500 / ليرة ليعود إلى الاضطراب في هذه الأيام بين ارتفاعٍ وانخفاض.
الملاحظ أيضاً أن تثبيت سعر الصرف على مدى نحو عام أشار إلى تراجع المضاربات، ولكنه لم يترافق مع أي ثبات لأسعار السلع في الأسواق، حيث استمرت بالصعود، ما يعني أن هناك خللاً ما لا بدّ من تشخيصه لتلافيه قبل أن يستعصي.
لذلك يمكن القول: إن حبس السيولة وتباطؤ السماح بتحريكها قد يكون ساهم بالحد من المضاربة، وبتثبيت سعر الصرف، وعودته اليوم للاضطراب أمر طبيعي في وضع سورية المضطرب الناجم عن الحرب ومضاعفاتها والحصار والعقوبات الجائرة ونهب الثروات، غير أن حبس السيولة بالشكل الذي هو عليه الآن بات يحتاج إلى إعادة تشخيص من جوانب أخرى للحد من المضاعفات التي تزداد تفاقماً.
فمثلاً حبس سيولة المستوردين يبدو أنها تطول أكثر من اللازم، وهناك عراقيل توضع أمام تحريك أموال المستوردات بدأت ارتداداتها تزداد وتتعقّد أكثر على شكل زيادة في التكاليف وتعطيل في الإنتاج وصولاً إلى حالات إغلاق بعض المصانع، وهذا الواقع القائم فعلاً ساهم بتراجع كبير للصادرات، وهذه نقطة يجب ألا تغيب نظراً لما تحمله من أثر على توفير القطع الأجنبي الذي يعتبر أحد أهم أهداف المركزي النقدية، فنحن إذاً أمام حالة متضاربة تحتاج إلى علاج، ولاسيما أن الإجراءات النقدية المتخذة تتضمّن هامشاً يتيح المناورة، فتمويل المستوردات من البنك المركزي يتم فعلياً ولكن بعد فترة طويلة من إيداع المبالغ من المستوردين تمتد لأكثر من أربعة أشهر مع أن قيمة المواد المستوردة تكون مُسدّدة للشركة الموردة قبل الاستيراد بشهرين، أي إن ثمن أي شحنة في هذه الحالة تسدد مرتين مرة للبنك المركزي ومرة للشركة في الخارج، واسترجاع الثمن من المركزي يستغرق من ثلاثة إلى أربعة أشهر، ما يؤدي إلى عجز في التمويل وبالتالي وصولاً إلى مخاطر نقص المواد في السوق، كما أن هذا التجميد لرأس المال يسهم في زيادة التكاليف، لأن المستورد يضطر للاقتراض من البنوك العالمية، كي يمول مستورداته في الأوقات المحددة، ما يزيد من التكاليف، ويدفع بالمستوردين إلى وضع هوامش ربح إضافية لتفادي تبدلات سعر الصرف، هذا كله فضلاً عن متغيرات تكاليف الطاقة وما ينجم عنها من ارتفاع شامل لمدخلات الإنتاج.
لن يحل هذه التعقيدات إلا حوار صريح وشفاف مع مختلف الأطراف، طبعاً باستثنائنا – نحن المستهلكين – حيث يقتصر دورنا على تلقي الصدمات والوقوف على أرصفة الانتظار.

آخر الأخبار
سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر