“غلوبال ريسيرش”: واشنطن تكرس أزمة العالم الغذائية لاستمرار هيمنتها

الثورة- ترجمة -ميساء وسوف:
في آذار 2022، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من “إعصار الجوع وانهيار نظام الغذاء العالمي” في أعقاب الأزمة في أوكرانيا، وقال: إن أسعار الغذاء والوقود والأسمدة ارتفعت بشكل كبير مع تعطل سلاسل التوريد، وأضاف أن هذا يضرب أفقر الناس بشدة ويزرع بذور عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات في جميع أنحاء العالم.
وفقاً لفريق الخبراء الدولي المعني بالنظم الغذائية المستدامة، يوجد حالياً ما يكفي من الغذاء ولا يوجد خطر من حدوث نقص في الإمدادات الغذائية العالمية، ولكن الأسعار ترتفع بشكل هائل.
القضية ليست نقص الغذاء بل المضاربة على السلع الغذائية والتلاعب بنظام غذائي عالمي معيب بطبيعته يخدم مصالح تجار الأعمال الزراعية وموردي المدخلات على حساب احتياجات الناس والأمن الغذائي الحقيقي.
الحرب في أوكرانيا هي تجارة جيوسياسية وصراع طاقة، ويتعلق الأمر إلى حد كبير بانخراط واشنطن في حرب بالوكالة ضد روسيا من خلال فرض عقوبات عليها لإلحاق الضرر بأوروبا وجعلها أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة الأميركية.
صرح الخبير الاقتصادي مايكل هدسون مؤخراً أن الحرب في نهاية المطاف هي ضد أوروبا وألمانيا، فالغرض من العقوبات هو منع أوروبا وحلفاء آخرين من زيادة تجارتهم واستثماراتهم مع روسيا والصين.
أدت السياسات النيوليبرالية منذ الثمانينيات إلى إفراغ الاقتصاد الأمريكي، ومع ضعف قاعدتها الإنتاجية، فإن السبيل الوحيد أمام واشنطن للحفاظ على هيمنتها هو تقويض الصين وروسيا وإضعاف أوروبا.
يقول هدسون: إنه منذ عام مضى، حاول بايدن والمحافظون الجدد الأمريكيون منع نورد ستريم 2 وجميع تجارة (الطاقة) مع روسيا حتى تتمكن الولايات المتحدة الأميركية من احتكارها بنفسها.
على الرغم من “الأجندة الخضراء” التي يتم دفعها حالياً، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تعتمد على الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري لإبراز قوتها في الخارج. حتى مع ابتعاد روسيا والصين عن الدولار ، تظل السيطرة على النفط والغاز وتسعيرهما (والديون الناتجة) بالدولار مفتاحاً لمحاولات الولايات المتحدة للاحتفاظ بالهيمنة.
أدرك صانعو السياسة في الولايات المتحدة الأميركية أن أوروبا ستُدَمر بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وأن البلدان المستوردة للغذاء في الجنوب العالمي ستعاني بسبب ارتفاع التكاليف.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها أميركا بهندسة أزمة كبيرة للحفاظ على الهيمنة العالمية وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تحاصر البلدان فعلياً في شرك التبعية والديون.
واليوم، تشن الولايات المتحدة الأميركية مرة أخرى حرباً على قطاعات شاسعة من البشر بهدف إفقارهم لضمان بقائهم معتمدين عليها وعلى المؤسسات المالية التي تستخدمها لخلق التبعية والمديونية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
تم تصميم السياسات الحالية لخلق أزمة الغذاء والديون للدول الفقيرة على وجه الخصوص، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم أزمة الديون هذه لإجبار البلدان على الاستمرار في خصخصة وبيع أصولها العامة من أجل خدمة الديون لدفع ثمن واردات النفط والغذاء المرتفعة.
وقد كشفت منظمة تمويل التنمية الدولية أن 43 من أصل 55 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي تواجه تخفيضات في الإنفاق العام يبلغ مجموعها 183 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
كما أدى إغلاق الاقتصاد العالمي في آذار 2020 إلى إطلاق عملية غير مسبوقة من المديونية العالمية، وتعني الشروط أن الحكومات الوطنية يجب أن تستسلم لمطالب المؤسسات المالية الغربية. هذه الديون مقومة بالدولار إلى حد كبير، مما يساعد على تقوية الدولار الأمريكي والضغط الأمريكي على البلدان.
في عام 2014، صرح مايكل هدسون أن الولايات المتحدة تمكنت من السيطرة على معظم الجنوب العالمي من خلال الزراعة والسيطرة على الإمدادات الغذائية. فقد حولت استراتيجية الإقراض الجيوسياسي للبنك الدولي البلدان إلى مناطق عجز غذائي من خلال إقناعها بزراعة المحاصيل النقدية( التصديرية) وليس لإطعام أنفسهم بمحاصيلهم الغذائية.
لقد تم ضم قطاع النفط والأعمال الزراعية كجزء من الاستراتيجية الجيوسياسية للولايات المتحدة.
إن الفكرة السائدة عن “الأمن الغذائي” التي روج لها لاعبو الأعمال التجارية الزراعية العالمية مثل كارجيل وآرتشر دانيال ميدلاند وبونج ولويس دريفوس وبدعم من البنك الدولي، تستند إلى قدرة الناس والدول على شراء الطعام، لا علاقة له بالاكتفاء الذاتي ولكن له علاقة بالأسواق العالمية وسلاسل التوريد التي يسيطر عليها لاعبو الأعمال الزراعية العملاقة.
والولايات المتحدة تعمل على إنشاء نظام عالمي جديد وتحتاج إلى ضمان بقاء جزء كبير من جنوب الكرة الأرضية في مدار نفوذها بدلاً من أن ينتهي بها المطاف في المعسكر الروسي أو الصيني وخاصة مبادرة الحزام والطريق التي هدفها تحقيق الازدهار الاقتصادي في العالم.

المصدر: غلوبال ريسيرش

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً