الثورة – ترجمة رشا غانم:
لا تزال التوقعات لأكبر اقتصاد في أوروبا، قاتمة بسبب أزمة إمدادات الطاقة في ألمانيا والتضخم، ويقول كريستيان سيفرت رئيس الرابطة الألمانية لمستهلكي الطاقة الصناعية: “بشكل عام، فإن آفاق السوق الألمانية وصناعتها سيئة للغاية”، ويرجع ذلك إلى التضخم والارتفاع الكبير في أسعار الغاز، وكان ذلك قبل سلسلة الانفجارات التي عطلت خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم”.
وفي محاولة لفعل كل ما يلزم لدعم اقتصادها المتوتر بالفعل، أعادت ألمانيا تنشيط محطات الفحم وتفكر في إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية التي كانت خارج الخدمة، وذلك لأنّ ألمانيا كانت بحاجة إلى سد فجوة الطاقة مع إنهاء استخدامها للفحم والطاقة النووية، وكثّفت البلاد وارداتها من الغاز من روسيا، كما أوضحت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
وأفادت ميركل: “من منظور ذلك الوقت، كان من العقلاني والمفهوم للغاية الحصول على غاز متجه إلى خطوط الأنابيب من روسيا، وهو أرخص من الغاز الطبيعي المسال من أجزاء أخرى من العالم”، مضيفةً أنه “حتى خلال الحرب الباردة، كانت روسيا مورداً موثوقاً للطاقة”.
في الواقع، وكما تشير تصريحات ميركل- على عكس مزاعم واشنطن- ليست روسيا من استخدمت الطاقة كسلاح تحارب به. هذا الفعل المشكوك فيه يعود إلى إدعاء الولايات المتحدة الأميركية.
وكما كشف عضو في مجلس الأمن القومي لرونالد ريغان، فإن الولايات المتحدة الأميركية لديها سجل حافل في مهاجمة البنية التحتية الحيوية للطاقة في الدول الأخرى، بما في ذلك روسيا، ففي عام 1982، تسببت عملية لوكالة المخابرات المركزية لتخريب الصناعة السوفييتية في انفجار ضخم في خط أنابيب غاز سيبيريا، في “أكبر انفجار غير نووي على الإطلاق”.
في الواقع، قيل إن جهود الولايات المتحدة الأميركية لإثارة الصراع الأوكراني هي عبارة عن استخدام الطاقة كسلاح، لإضعاف روسيا، ومع جدال البعض، فإنها لا تملك القدرة على ارتكاب أعمال التخريب الدولية فحسب، بل تمتلك أيضاً الإرادة السياسية لاستخدام الطاقة كشكل من أشكال الحرب الاقتصادية.
ويُذكر أنّ الصعوبات التي تواجهها ألمانيا لا تقتصر عليها وحدها، إذ يعاني الاتحاد الأوروبي بأكمله من أزمة الطاقة، وأضرار جانبية في حرب الطاقة الأمريكية. على الرغم من ذلك، كانت دول الاتحاد الأوروبي تتشبث بالولايات المتحدة الأميركية في ساعة احتياجها، وقد اضطرت الولايات المتحدة الأميركية لمد يد المساعدة، على الرغم من أن الغاز الطبيعي المسال الأقل جودة يأتي بسعر مرتفع بشكل كبير.
الشتاء قادم، والأيام تزداد برودة، وبينما يندمون على ارتفاع تكلفة الغاز واقتصاداتهم المتعثرة، ستعرف دول الاتحاد الأوروبي الثمن الذي دفعته، وستدفعه مقابل كونهم عملاء للولايات المتحدة الأميركية.