مضافات القرى.. تقاليد الخبرة والحياة

الثورة- حسين صقر:
بين جدرانها رويت أجمل قصص الملاحم والبطولات والسير الشعبية التاريخية والاجتماعية والدينية، وألقيت أجمل قصائد الشعر الشعبي والموزون، ومع رائحة القهوة والهال، ونغمات المهباج والربابة تعلم الحاضرون والمستمعون أعمق مواقف المروءة وإغاثة الملهوف واحترام الكبير، وتقدير الصغير والاستماع له، والصدق والوفاء وحفظ النعمة والجار والعائلة، وكان الرواة يقصون ذلك من خلاصة خبراتهم وتجاربهم.
كلمات الترحيب بالضيف لاتنتهي، وصاحب المنزل أو المضيف أو المعزب كما يسمونه لايجلس إلا بدعوة وإلحاح من الضيوف.
في مضافات القرى على امتداد ساحات الوطن، نسمع أجمل الحكايات والمواعظ والأمثال والعبر، حيث تفتح أبوابها لتستقبل زوارها في جميع الأوقات، و تمارس دورها بهدف تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على التماسك الاجتماعي.
إذاً فالمضافات لعبت عبر الزمن دوراً تعليمياً لتكريس القيم النبيلة وتعليم آداب الحديث والاحترام وحسن استقبال الضيوف وحماية المستجير والدخيل وإيواء ومساعدة المحتاجين.
وقال المؤرخ حسن طراد مزهر: إن المضافات حافظت على خصوصيتها رغم الظروف الراهنة، وتنوع الاهتمامات، ورغم دخول وسائل حديثة للتواصل، و دخول مفاهيم وأفكار جديدة على مجتمعاتنا.
و أضاف: تشكل المضافة أبرز معالم المنازل، ولكن تختلف تسميتها من منطقة لأخرى، وغالبا تكون أكبر الغرف ولها مدخل مستقل حرصاً على راحة الضيوف مع إيلائها اهتماما خاصاً لكونها تمثل واجهة البناء، وتعكس مكانة صاحبها الاجتماعية.
و أشار أنه رغم تغير ديكور المضافات وألوانها وطريقة بنائها وأثاثها، وذلك مع تطور واقع الحياة وإدخال تعديلات عليها، إلا أن عدداً منها حافظ على شكله القديم من حيث الأرضية الطينية أو البازلتية والمساحات الكبيرة والنوافذ المتقابلة والسقوف العالية والقناطر الحجرية والجدران المكسية بالطين والمصاطب الحجرية التي تسمى “تواطي” والتي يمد عليها السجاد الصوفي، وهو ما تتميز به مضافات محافظة السويداء دون غيرها، في وقت تتشابه فيه مع مضافات الجبل الغربي، أو جبل الشيخ، و تتميز المضافة كما يوضح مزهر بتقديم القهوة المرة للضيف بعد دخوله، حيث نجد في زواياها الفناجين والأدوات اللازمة لطبخ وتحميص وطحن القهوة، فضلاً عن تقديم الطعام، وذلك حسب عادات كل منطقة.
بدوره تحدث الشيخ سليم معذى حرب عن آداب وأعراف المضافات، وكيف يلاقي صاحب المنزل الضيف إلى أرض الدار أو فنائه، وإدخاله إليها أمامه والترحيب فيه وتقديم القهوة المرة له قبل أن يدور الحديث، إضافة إلى عدم الهزل في الحديث وحسن الاستماع والجلوس فيها بأدب وتواضع وتكريس الوقت لتلبية احتياجات ذلك الضيف وعدم التلفظ بالكلمات النابية أو التكلم عن خصوصيات الناس، والوقوف لكل من يدخل إليها حتى يأخذ مكاناً للجلوس، وأضاف إذا وضع الطعام يقوم المعزّب بالتخديم على الضيوف، وبعدها تركهم ليأخذوا راحتهم في تناول ذلك الطعام، وإذا أصروا عليه من أجل الجلوس معهم لن يقف قبل أن يشبع آخر شخص، ونوه عن عدم استحسان مغادرة الجالس فيها قبل الاستئذان من صاحبها ومن يكون فيها ودعوتهم إلى زيارته.
وأشار الشيخ حرب، كيف كانت المضافات تجمع أهالي البلد لتداول الأحاديث المتعلقة بحياتهم وعرض بطولات الأجداد وسرد الحكايا والأشعار والقصائد ومعالجة المشكلات وحل الخلافات والاتفاق على مسائل الزواج واستضافة الأفراح والتعازي وغيرها الكثير من القضايا المجتمعية والوطنية، وأشار بأن لهذه الأماكن أينما كانت خصوصيتها، لأنها ترتبط بعادات وتقاليد أهلها وتبقى رمزاً للكرم والأصالة وتكريس القيم النبيلة وشاهداً حياً على وقائع وأحداث انطلقت منها.
من ناحيته عبر الشاب زياد الحجلة عن حنينه لأيام المضافات التي بدأ دورها يتلاشى أولاً بأول في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قال عنها وسائل قطع العلاقات، لأنها بالفعل باعدت الناس عن بعضها، وأصبح لقاء المضافات للضرورة والمناسبات والأعياد والظروف والمواقف الطارئة، في وقت كانت فيه مدارس حياة أخرى وخلاصة تجارب وتراكم خبرات، تجمع الناس صغيرهم وكبيرهم، ويجلس هؤلاء للاستماع بشغف، لأنه كل يوم هناك حكاية أو موعظة ورواية.

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك