تكاليف غير هينة تنفقها المعاملات الحكومية في كل يوم، إن كان لجهة الجهد المبذول في التنقل من مؤسسة أو هيئة إلى أخرى أم لجهة الورقيات التي تتطلبها المعاملة وفي ذلك إجهاد مالي للمواطن وللخزينة على حد سواء وكلنا يعرف تكاليف الورق.
لا يرهق القطاع العام في سورية مادياً أكثر من الورق المستخدم في تسيير كل معاملة، وهي نقطة بداية على كل حال، كون الورقيات تستتبع البريد الورقي المحمول عبر السيارات أو الدراجات ما يعني المحروقات، إضافة إلى وقت النقل والإيصال والإعادة بنفس الآلية، في وقت يمكن لضغطة زر أن تريح الجهة العامة والمواطن على حد سواء وتوفر عليهما نفقات ووقت وجهد وورق.
منذ سنوات كثيرة جداً ونحن نسمع عن مشروع الحكومة الإلكترونية الذي كان كفيلاً لو تحقق بضمان وفر هائل على خزينة البلاد وجيوب المواطنين، ولكن الفرحة بقيت حلماً ولم تتخطاه إلى الإنجاز، فالورقيات سيدة الموقف ناهيك عن التماس المباشر في بعض أنواع المعاملات بين المواطن والموظف وما ينجم عنها من شبهات فساد في بعض المناحي.
ليس بعسير أن تتم أتمتة بعض أنواع التعاملات في الجهات العامة إن لم يكن ممكناً تطبيق ذلك عليها كلها ولا سيما منها ما يستوجب الاجتهاد في الرأي، بحيث تكون نواة حقيقية فعلاً للشبكة الحكومية الإلكترونية والتي باتت مطبقة في كل أنحاء العالم، ولعل الفائدة الكبرى في ذلك تعود على المؤسسات نفسها والتي تتكبد نفقات هائلة في ورقيات المعاملات.
كل مشروع يبدأ بحجر زاوية ولا يمكن لبناء ما أن ينهض كاملاً مرة واحدة، وها هي مراكز خدمة المواطن قد حققت سبقاً في التعامل الإلكتروني وربطت مجموعة متنوعة من الخدمات إلكترونياً في كوّة واحدة موفرة على الدولة والمواطن ألوفاً مؤلفة من الليرات بدل انتقال هنا وهناك وازدحام وانتظار، ما يجعل منها نموذجاً حقيقياً لحجر الزاوية في بناء شبكة التعاملات والمراجعات الإلكترونية.
هي خطوة واحدة نخطوها بجدية فتكون النتيجة مبهرة، ولعل الجدية التي تعاملت بها ذات الحكومة مع الإصلاح والتطوير الإداري، يمكن أن تنسحب على مشروع إصلاح وأتمتة التعاملات الحكومية، فتكون النتيجة أكثر إبهاراً.