الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
على الرغم من التشاؤم المتزايد بشأن الاقتصاد الأمريكي والمخاوف من حدوث ركود محتمل، يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتجاهل المشكلات الخطيرة لاقتصاد بلاده، بما في ذلك سياساته الخاصة، والتركيز فقط على بعض الجوانب الإيجابية للاقتصاد الأمريكي قبل انتخابات التجديد النصفي للولايات المتحدة.
خلال خطاب ألقاه في سان دييغو، أشار بايدن إلى أنه يأمل في التحدث مع المسؤولين التنفيذيين في صناعة النفط حول أسعار الطاقة، بينما كان يروج لتقرير الوظائف الأخير لإثبات أن الاقتصاد الأمريكي ينمو، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في الرابع من الشهر الجاري.
بينما كان الرئيس الأمريكي يحاول التأكيد على المؤشرات الاقتصادية المؤاتية لسجله لتحسين موقفه للناخبين في المراحل الأخيرة من حملته الانتخابية، فإنه لا يستطيع أن يتحدى حقيقة أن الأميركيين ما زالوا متشائمين بشدة بشأن الاقتصاد، فقد بلغ احتمال انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى الركود في الأشهر الـ 12 المقبلة 100 في المائة ، وفقاً لتوقعات نموذج بلومبيرغ إيكونوميكس الصادرة في منتصف الشهر الماضي.
هناك العديد من الأسباب وراء الركود المحتمل في الولايات المتحدة، وأهمها التضخم والرفع الحاد لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. في الأسبوع الماضي، رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الرابعة على التوالي.
مع ذلك، أشارت بيانات التضخم الأخيرة إلى أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة لا تزال عند مستويات عالية، وهو ما يُعزى بشكل أساس إلى سياسة طباعة الأموال غير المسؤولة لإدارة بايدن، كما يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة أسعار الفائدة للحد من الضغوط التضخمية، في حين أدت الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف الاقتراض وتهدد بالتسبب في فقدان الوظائف، مما يزيد من مخاطر انزلاق الاقتصاد الأمريكي إلى الركود.
من منظور البيئة الخارجية، سمحت الزيادات الحادة التي قام بها البنك الاحتياطي الفيدرالي في الواقع للولايات المتحدة بتصدير أزمتها الخاصة إلى البلدان الأخرى، وخاصة أوروبا، فالعديد من الاقتصادات الأوروبية ليس لديها خيار سوى اتباع الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة للتخفيف من ضغط هروب رأس المال، مما يجعل من الصعب عليهم تبني سياسات تستند إلى احتياجاتهم الخاصة.
ولكن إذا انغمس الاقتصاد العالمي في جولة جديدة من الأزمة، فكيف يمكن أن يكون الاقتصاد الأمريكي محصناُ من هذه الصدمات الخارجية؟.
بينما يبدو أن واشنطن تحاول الحفاظ على موقعها كقوة عظمى في العالم، فإن المفارقة هي أنها كانت تفعل بالضبط ما قد يقوض قوتها الخاصة التي تدعم قوتها المهيمنة. على سبيل المثال، تم تقويض مصداقية الدولار الأمريكي كعملة عالمية باستمرار بسبب سياساته النقدية، وينطبق الشيء نفسه على حملة “الفصل” ضد الصين.
وفي الوقت الذي وصل فيه التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في أربعة عقود، كان التنسيق الاقتصادي والتعاون بين الولايات المتحدة والصين ضرورياً بشكل خاص، نظراً لحقيقة أن قطاع التصنيع الصيني لديه نطاق إنتاج ضخم وأساس وأن هناك عناصر تكامل قوية بين الاقتصاديين. لكن إدارة بايدن فرضت أنواعاً مختلفة من القيود التجارية والتكنولوجية على الصين لإضعاف علاقاتها بالاقتصاد الصيني، الأمر الذي سيوجه في النهاية ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي.
على سبيل المثال، بعد أن أعلنت واشنطن عن مجموعة واسعة من ضوابط تصدير التكنولوجيا المتعلقة بالرقائق، ورد أن شركات أشباه الموصلات الأمريكية تحملت العبء الأكبر من تشريعات حكومتها .وبحسب ما ورد خططت” إنتل”، إحدى شركات الرقائق الأمريكية الرائدة، لأكبر جولة من عمليات التسريح منذ عام 2016، في حين قالت شركة” أبلايد ماتيريالز إنك”، مورد تكنولوجيا صناعة الرقائق الأمريكية: إن قيود التصدير إلى الصين ستؤدي إلى خسارة تتراوح بين 250 و550 مليون دولار صافي المبيعات.
لن يتحسن الاقتصاد الأمريكي بشكل أساسي دون إجراء تغييرات شاملة وذات مغزى في سياسة واشنطن، وهذا بدوره سيكون تحدياً خطيراً لإدارة بايدن، الذي يمكنه أن يروج لسياساته الاقتصادية كما يريد، لكن الحقيقة هي أن انحرافه عن قانون الاقتصاد غير مستدام.
المصدر: غلوبال تايمز