الثورة :
يتباهى النظام التركي أمام جماهيره وأنصاره بقدرته على اختراق سيادة الدول واختطاف المعارضين لنظامه بعد أن نفذت مؤسساته الأمنية أكثر من 30 عملية اختطاف في أكثر من 12 دولة بدأت في السودان وكازاخستان وأفغانستان وكمبوديا وماليزيا وأوكرانيا وغيرها من الدول التي ساهمت بعض أنظمتها بتسهيل عمليات الاختطاف والمشاركة العلنية في أغلب الأحيان مع النظام التركي بتسليم المعارضين لأردوغان، وذلك على الرغم من المناشدات الدولية للالتزام بالمواثيق والاتفاقيات المبرمة لحقوق الانسان والدعوة الى عدم تحول الحكومات الى أداة للقمع التركي لمعارضيها.
في ظل قيام رئيس النظام التركي بخلق اضطرابات في المنطقة بعد صناعة ثروة لعائلته وتحقيق نفوذ إقليمي ليصبح زعيم “جماعة الاخوان المسلمين” الإرهابية في العالم وخليفة العثمنة التركية الجديدة في حين أن أوضاع حقوق الانسان باتت مفزعة في بلاده، حيث ملأ السجون بآلاف المعارضين لنظامه منذ محاولة الانقلاب العسكري التي حدثت في تركيا العام 2016 .. ومايزال مسلسل الاعتقالات مستمرا حتى تاريخه.
وبالنظر الى التصرفات التي يقوم بها اردوغان ونظامه في المنطقة من خلال دعم الجماعات الإرهابية بدخول أراضي الغير دون شرعية، واحتلاها وتهجير سكانها ونهب ممتلكاتهم كما حدث في سورية في عفرين ورأس العين وغيرها من المناطق، يتضح أن هناك علاقة تاريخية وايدولوجية بين “الاخوان” ومدرسة الإسلام السياسي التركي التي ينتمي اليها اردوغان والذي تطوع أمام مرأى العالم لقيادتها بعد أن أصبحت بلا قيادة لتحقيق هدفه الأكبر ليكون (خليفة العالم الإسلامي) المزعوم والعودة بالمنطقة الى العثمنة الإسلامية، حيث أسس جماعات مسلحة في عدد من الدول الإسلامية من خلال مجموعات ما سمي “سادات” التي انشأها أحد مستشاريه العسكريين وهو الجنرال المتقاعد /عدنان تائري فيردي/الذي نجح في السيطرة على جماعات الاخوان المسلمين وفصائلها الإرهابية التي جددت قواها المتبقية وحددت ايديولوجيتها بما يتناسب مع الأيديولوجية السياسية لأردوغان ونظامه الذي لم يتوقف عن استخدامها في بلدان إسلامية كقوة خارجية له في ظل تأييد ودعم بعض الدول العربية مثل قطر وغيرها التي تربطها علاقات مالية لها جوانب سياسية وعسكرية، وتشكل جزءا كبيرا من الثروة التي حصلت عليها عائلة أردوغان بشكل غير قانوني، يتم توجيهها الى قطر ثم يتم جلب هذه الأموال الى تركيا عن طريق شراء الأراضي والعقارات وإنشاء شركات قطرية مقابل تركيب قواعد عسكرية لها في قطر من قبل مجموعات من الجنود الذين تم إرسالهم الى هناك للقيام بتدريب الأمن القطري على يد جنود اتراك.
وعلى الصعيد السياسي، تحظى الجماعات المتطرفة، لاسيما في سورية، بدعم من الجهود المشتركة لإدارتي أردوغان وقطر.
ويبدو أن لدى أردوغان أفكارا حول تشكيل ما يسمى جيش إسلامي متشدد وسري ليصبح خليفة لفترة من الوقت، وقد استخدم الجماعات الإرهابية في سورية والمتطرفين في تركيا من أجل تحقيق هذا الحلم، وتأمين السلطة الإقليمية، محاولا احتلال أراض سورية وليبية وجعلها تحت سيطرته؛ وفي البلدين، وباتت مجموعاته الإرهابية تعمل وفقًا لأيديولوجيته.. ويكمن السبب الرئيسي وراء وجود أردوغان في ليبيا هو رغبته في السيطرة على السلطة السياسية والموارد الاقتصادية معا.
ومع موافقة البرلمان التركي (الثاني من كانون ثاني 2020) على مذكرة أردوغان التي تتيح إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعماً لحكومة ما يسمى الوفاق الوطني في طرابلس، وبحجة ان أنقرة تنوي بذلك مساعدتها في التنقيب عن الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط فإن أنقرة باشرت انتشارا عسكريا ميدانيا، لم يتم الإعلان عنه رسميا.
وقام النظام الحاكم في تركيا بعدة عمليات في السنوات الماضية في دول مجاورة، خصوصا في سورية والعراق، بهدف محاربة معارضيه من المكون الكردي في البلدين وأما في الحالة الليبية، فإنّ تركيا لا تتقاسم حدودا برية مع ليبيا الواقعة على مسافة 1500 كلم، ماجعل أمام أردوغان عدة إشكالات لوجستية حاول التغلب عليها من خلال الاعتماد على فصائله الإرهابية.
وعلى الرغم من خشية عدة دول بتصعيد الأوضاع في ليبيا ومصر، نتيجة التدخل التركي إلا أن نظام أردوغان استمر في سياساته التدميرية في هذا البلد العربي، كما أنه استغل الأزمات في بعض دول المنطقة للنفاذ وتحقيق أطماعه في تلك الدول، لاسيما في سورية والعراق، وسعى لتأمين مصالحه التوسعية من خلال التدخل في الشؤون الداخلية، مُرتكبا انتهاكات تمس السيادة الوطنية لتلك الدول وضاربا بعرض الحائط المواثيق والقوانين الدولية، علما أن القانون الدولي يكفل للدول كل الحق في السيادة على أراضيها، وأيضاً بموجب ميثاق الأمم المتحدة الصادر في العام 1945 الذي نص على مبادئ تحكم العلاقات بين الدول، وهي مبادئ ملزمة؛ وأهمها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومبدأ احترام السيادة الإقليمية.
إن سياسات النظام التركي غير المشروعة تمثل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي، وتعتبر تدخلاً غير مشروع وانتهاكاً لهذه السيادة.
والمتابع للسياسة التركية في المنطقة يجد أن أطماعها قديمة، من خلال سعيها لاستثمار الظروف التي تشهدها المنطقة، لتحقيق تلك الأطماع، مستغلة الفوضى لتمرير مصالحها في حين لعبت الجغرافيا دوراً أساسياً في تمكين تركيا من التدخل السافر في شؤون سورية الداخلية، وأن تكون رأس الحربة في الحرب الإرهابية التي تتعرض لها، من خلال احتلال أجزاء من الأرض السورية، ودعم الجماعات الإرهابية والفصائل التي تبعتها.
الثورة- مكتب الحسكة ج . خ