التبريد والتغليف والتعليب والفرز والتوضيب والتسويق والترويج، ليست مجرد مصطلحات نظرية، ولا يمكن إدراجها تحت أي ظرف ضمن بند “للإطلاع فقط”، وإنما ـ والكلام هنا للمهتمين العمليين لا للمنظرين المكتبيين ـ هي كلمات مفتاحية ذهبية لنجاح أي خارطة طريق تصديرية وطنية تمكن الفلاح والصناعي، من حجز مساحة مهمة في الأسواق والموائد والأطباق الخارجية من خلال روزنامة تصديرية دائمة وثابتة تمكننا من أخذ موقع لنا بين الكبار في الصفوف الأولى، لا بين ضيوف الشرف العارضين الذين لا يعرفون المخطط من المنفذ من حاجة السوق الداخلية من المتاح للتصدير.
هذه الكلمات، تدفعنا جميعاً إلى مربع إعادة ترتيب أوراقنا التصديرية، وتحديد أولوياتنا الإنتاجية، وأذواق الأسواق الخارجية التي تضمن سيل لعاب مستهلكيها، والتغريد داخل ـ لا خارج ـ سرب المواصفات القياسية السورية والعالمية على حد سواء، لا لشيء وإنما لإحكام قبضتنا على كلمة السر التصديرية، وضمان عدم خروجنا من أي مولد تصديري قادم دون أي حبة حمص أو حمضيات أو زيتون أو فستق حلبي، والتخلص وإلى غير رجعة من النظرية والعقلية القائمة على حصرية مطلقة وخانقة لأسواق شبه خجولة لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة.
مواسم قطاف حمضياتنا وزيتوننا بدأت، ومعها بدء الحديث علناً لا سراً عن وجهة قوافلنا التجارية، وعن الأسواق التي ستحط رحالها فيها، وعن الدراسات والأبحاث التي أجريت، والقرارات التي اتخذت، وما طبق منها على أرض الواقع لاسيما الخاصة منها ببرنامج الاعتمادية لتسويق المنتجات الزراعية الذي سبق وأن تم إقراره رسمياً والبداية من موسم الحمضيات من خلال زيادة كمية وقيمة الصادرات الزراعية عبر تحسين جودة المنتج وتسويقه بشكل أفضل، وتحقيق عوائد جيدة للفلاح والشركات المصدرة ومراكز الفرز والتوضيب، وتحسين سمعة المنتجات الزراعية السورية والحفاظ عليها، وإعداد قاعدة بيانات دقيقة للمزارع متوافقة مع شروط التصدير وتحديد كميات الإنتاج وجودته ومواصفاته بدقة، وتأهيل وتحفيز جميع العاملين في السلسلة السلعية للمنتجات الزراعية للعمل وفقاً لمتطلبات التصدير والأسواق الدولية ومعاييرها، وتوجيه التسهيلات والدعم الحكومي لتنفيذ ذلك.
ما يهمنا اليوم، ليست الأشواط التي قطعها برنامج الاعتمادية فقط .. ما يهمنا ” والكلام هنا “للحكومة والفلاح والمزارع” هو عدم تكرار مشهد ترك المحصول على الأغصان أو تحت الأشجار وعدم القطاف نتيجة الأسعار المخسرة لا المربحة للفلاح .. ما يهمنا تهافت لا تنافر المستوردين من أسواقنا .. ما يهمنا هو اعتماد آلية عمل جديدة ونمطية جديدة وأصناف جديدة ذات إنتاج ومواصفات عالية، تجذب لا تنفر المستورد منها.