أبدى محتكرو السلع الاستهلاكية الأساسية التي تندرج تحت اسم “قوت المواطن” المصطلح الذي استهلكناه كثيراً في التداول.. أبدوا مهارة عالية في “امتطاء” وسائل التواصل الاجتماعي وهم يسوّقون لبضائع تكتنزها مستودعاتهم.. صناعيين كانوا أم تجاراً، عبر التلاعب بعواطف وغرائز المستهلك وإطلاق العنان لشائعات سوداء بشأن فقدان سلعة ما من الأسواق، أو ارتفاعات جنونية في أسعارها.. وغير ذلك من أشكال التسويق “البغيض” الذي ينتج حالة هلع حقيقي وليس مجرد طلب على هذه المادة أو تلك.
مرات ومرات “نعى” نشطاء التواصل سلعة في أسواقنا وحلقوا بأسعار أخرى وأنذروا باقتراب نفاد ثالثة، لكن الواقع يكون مختلفاً تماماً.. السلع متوفرة والأسعار أقل بكثير مما يزعم غلاة التسويق العصبي القاهر فعلاً.
الواقع أن مثل هذا التلاعب لا يجري بشكل عفوي مطلقاً، بل ثمة ما هو منظم ومُدار بعناية في إطلاق هكذا حملات، وبعدها يتكفل النشطاء البسطاء بإتمام المهمة وتوسيع دائرة انتشار اللعبة بمتوالية تسارع لافتة.
الواضح أن الممارسات الترويجية المشبوهة أمست هي الغالبة في أسواقنا، بل وهي الأساس الذي يعتمده بعض الصناعيين والتجار، للضغط على المستهلك والحكومة معاً.. فهل نستسلم أم ثمة ما يمكن فعله على صعيد مواجهة الحالة على الأقل إن لم يكن لدى إدارة السوق صلاحية الزجر والمحاسبة؟
مثلاً.. لماذا لا يكون لدى وزارة التجارة الداخلية والمؤسسة السورية للتجارة فريق رصد نشط – أكثر نشاطاً من نشطاء ترويج الشائعات – مهمته متابعة ما ينشر والرد عليه مباشرة بنفس الوسيلة والأداة.. أي وسائل التواصل ذاتها، وهي متاحة مجاناً لمن شاء، فلماذا نخلي ساحتها ونتركها سيف رعب للمستهلك وإرباك للحكومة..؟
لماذا لا يكون لكل صالة من صالات السورية للتجارة حتى لو كانت في أقاصي الريف، صفحة وحساب على كل وسيلة من وسائل السوشيال ميديا، هل هذه مهمة صعبة ومكلفة، أم أن المشكلة تكمن في أن المسألة لا تحتاج إلى عروض ومناقصات واعتمادات مرصدة جاهزة للإنفاق؟!!
نهى علي