نجح الجمهوريون في انتزاع الغالبية من الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، وفق توقعات وسائل إعلام، ما يضمن لهم قاعدة تشريعية وإن بغالبية ضئيلة تتيح لهم معارضة برنامج عمل الرئيس جو بايدن خلال العامين المقبلين وتؤدي إلى انقسام السلطة في الكونغرس.
الحزبان الجمهوري والديمقراطي يتقاطعان في استراتيجية واحدة وهي ضمان “الأمن الصهيوني” وسباق التسلح والعسكرة، واستثمار الحروب والأزمات، والقضاء على أولويات السلام والحوار.
ورغم الرهان المستمر على تغير سياسة الولايات المتحدة بعد كل انتخابات، إلا أن واشنطن تبقى تدور في فلك الغطرسة ودعم الفوضى، وتكريس سياسات الانقسام العالمية لمعسكرات وتكتلات تتصارع فيما بينها، ومحاولة فرض الاستسلام تجاه الدول في سياق سلام مزيف، يضمن التفوق العسكري لأمريكا ومن يتحالف معها وفي مقدمتهم (إسرائيل).
الأوضاع العالمية تختلف كثيراً اليوم عن سابقاتها، ويكاد الوضع العالمي ينفجر ببرميل “بارود نووي” مصدره التهور الأوكراني الذي يقوده متزعم كييف فلاديمير زيلنسكي، وفي الأراضي المحتلة الوضع كذلك الأمر، على فوهة بركان، والحزبان الديمقراطي والجمهوري حليفان للكيان الإسرائيلي المحتل، وسيظل مستوى الإجرام الذي يرتكبه الصهاينة ثابت، وربما يتزايد.
ترامب، بايدن، مكارثي، دي سانتيس، …. وو… لا فرق، هي مجرد أسماء ستعلق على باب البيت الأبيض والفعل والقرار في مكان آخر لمن يدخل تلك الأسماء ويخرجها حسب الموجة التي تعبر في العالم والمنطقة الشرق أوسطية، وترامب أو بايدن وغيرهما، لن يغيروا في أولوية الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت وما زالت ضمان تفوق القوة العسكرية لهم ولمن يتحالف مع عقليتهم، وشهدنا خلال سنوات ترامب مشاهد العسكرة والتهديدات والعدوان على سيادة الدول.
نانسي بيلوسي الرئيسة الديموقراطية لمجلس النواب تغرد خارج سرب القيادة الديمقراطية في المجلس المقبل المنبثق من الانتخابات الأخيرة، وهي عازمة على عدم الترشح لأي منصب آخر، وهذا إقرار بالهزيمة أمام الجمهوريين، ومع ذلك فقد غازلها جو بايدن ووصفها أنها “حمت ديمقراطية أمريكا المزعومة من التمرد العنيف والدامي في السادس من كانون الثاني، وأنها “رئيسة مجلس النواب الأكثر أهمية في تاريخ الولايات المتحدة”، ولا ندري ما فعلت وأنجزت بيلوسي التي أشاد بها أيضاً الرئيس السابق باراك أوباما ووصفها بأنها “واحدة من أكثر المشرعين إنجازاً في التاريخ الأميركي”.
لكن المفاجأة للأمريكيين وغيرهم هي صرخة زعيم الجمهوريين كيفن مكارثي عندما صرّح بأن حزبه لن يقدّم “شيكاً على بياض” للتمويل الأميركي المتواصل بمليارات الدولارات لأوكرانيا في مواجهتها روسيا، لكنه لم يفاجأنا فأمريكا لم ولن تقدم لأحد الدعم بشكل مجاني، بل بمقابل باهظ الثمن، وأوكرانيا تدفع، وستدفع المزيد من الأثمان الباهظة على كافة الأصعدة وهي تقاد بناصيتها من يد العم سام.
العالم يغلي كغلي المراجل ويستشيط، والاستقطاب الحاد بين القوى الدولية الكبرى على أشده، خصوصاً فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، التي تخوضها الولايات المتحدة و”الناتو” ضد روسيا بالإنابة، ولن يغير وصول الجمهوريين بعد الديمقراطيين، لزعامة الكونغرس شيئاً في الميدان، قد تتخلل الأزمة بعض المناورات الجمهورية لكن الفعل سيكون في صالح استمرار دعم النظام الأوكراني فيما لو استمرت الحرب التي يرعى قبحها واشنطن وجوقة الغرب.
منهل إبراهيم