الثورة – عبد الحميد غانم:
يتزامن انعقاد الجولة التاسعة عشرة من أعمال الاجتماع الدولي التاسع عشر بصيغة أستانا مع عدوان جوي عنيف جديد ينفذه الاحتلال التركي على الأراضي السورية، ويبدو أنه يحصل بضوء أخضر أميركي لكسب ود الإدارة في أنقرة، ويستهدف مناطق آمنة ونقاطاً عسكرية في أرياف حلب والحسكة والرقة، إذ يعمد الاحتلال التركي عبر عشرات الطائرات الحربية والمسيرة، إلى شن عدوان جوي هو الأعنف والأوسع من نوعه منذ احتلاله تل أبيض ورأس العين في محافظتي الرقة والحسكة في تشرين الأول ٢٠١٩، وطال عدوانه مناطق واسعة شمال وشمال شرق سورية.
الملفت في هذه الجولة من المباحثات، أن تركيا التي تعد إحدى الدول الضامنة في اجتماعات أستانا المفروض أن تلتزم بما يتم الاتفاق عليه في إطار هذه الاجتماعات وتحافظ على استقرار الوضع على الأرض في سورية وتعبئة جهود المجتمع الدولي استناداً للقرار الأممي 2642 لإعادة إعمار سورية، لكنها مستمرة في احتلالها لأجزاء من الأراضي السورية، وتواصل اعتداءاتها ضد المواطنين السوريين على تلك الأراضي، فكيف يمكن الثقة بالنظام التركي الذي يوظف نفسه خدمة للمشروع الأميركي الغربي الصهيوني في المنطقة وفي سورية، خاصة أن العدوان التركي يتزامن مع العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف محيط دمشق وحمص.
كما أن هذه الجولة من اجتماعات «أستانا»، لم تكن لتعقد لمجرد الانعقاد أو القول إن المسار يسير، وإنما هناك تفاهمات معينة، وفي الوقت نفسه هناك تعقيدات تحتاج إلى بحث في مسار السلام، منها ملف المياه ومخاطر تظهر في منطقة الجزيرة نتيجة ممارسات ميليشيات «قسد»، ويحاول الجانب التركي والميليشيات الانفصالية بدعم أميركي إفراغ الاتفاقات من مضمونها وإطالة أمد الأزمة وعرقلة طريق الحل بالعقبات وخلق مشكلات جديدة تبعد المسار الدولي عن الأهداف المنشودة له.
وكانت اجتماعات أستانا في العاصمة الكازاخية بدأت مطلع عام 2017 وعقد 18 اجتماعاً أحدها في مدينة سوتشي الروسية، وأكدت في مجملها الالتزام الثابت بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها ومواصلة الحرب على التنظيمات الإرهابية فيها حتى دحرها نهائياً.
وتأمل سورية الخروج بنتائج مهمة تمكن من إلزام الجانب التركي الالتزام بالاتفاقات التي تتم ضمن محادثات أستانا للوصول إلى آليات تنفيذها بشكل يؤدي إلى إنهاء الأزمة ويحافظ على وحدة وسلامة أراضي سورية، وضرورة تجنب أي أعمال من شأنها تصعيد الأوضاع، وخاصة ممارسات الاحتلالين الأمريكي والتركي التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي والسيادة السورية.
فالاجتماعات ليست من أجل الانعقاد فقط بل بالالتزام بتطبيق تفاهماتها ومقرراتها والاتفاقات التي تخرج بها حتى لا تبقى لمجرد الانعقاد وخاصة من قبل الطرف الذي يعرقل تطبيقها ويقوم بممارسات تعوق الحل وتخلق مشكلات تهدد الأمن والاستقرار، فالنتائج بالتطبيق والممارسات لا بالعهود والوعود.