“تشاينا ديلي”: في أميركا ديمقراطية الثراء

الثورة – ترجمة رشا غانم:

يقول الكاتب- غريغوري ك. تاناكا هو عميد كلية الحقوق السابق ومؤلف كتاب الانهيار والتجديد المنهجي: “لطالما أتذكّر سفري في شباط، كعضو في جامعة ويليام الأمريكية، كنّا نقود معاً أنا وزملائي، موكباً من السّيارات، وذهبنا من ولاية ماساتشوستس الباردة، إلى ولاية فلوريدا الأكثر دفئاً، وهناك كنا نستعدّ لموسم جديد، وفي طريقنا جنوباً، توّجهنا إلى محطة للوقود لملء خزانات سياراتنا، وهناك صادفت أول حمامات منفصلة، وكانت أول مرّة في حياتي أرى شيئاً كهذا، وعندما خرجنا من سياراتنا واقتربنا من الحمامات، رأينا أول لافتة وقد كتب عليها للرجال، أمّا الثانية فكانت للملونين فقط، وأنا كمواطن أميركي آسيوي، أدركت تماماً، أنني لست من أصحاب البشرة البيضاء، ولكنني توّجهت إلى الغرفة ذات اللافتة فقط لأصحاب البشرة الملّونة، وسرعان ما سحبني مدربّي أبيض البشرة برفقٍ من ذراعي، ووجهني إلى اليسار إلى غرفة الرجال”.
وعندما عدنا إلى الطريق واتجهنا جنوباً، لطالما أذهلتني فكرة الحمامات المنفصلة التي رأيتها للتو، والتي من شأنها أن تنتهك دستور الولايات المتحدة الأميركية الذي ينصّ على ديمقراطية تحافظ على عدالة متساوية بموجب القانون.
لكن اليوم، هناك اتجاهان يقوضان الديمقراطية في الولايات المتحدة. مشكلة العنصرية التي واجهتها كطالب جامعي في ولاية كارولينا الجنوبية، والتي لا تزال قائمة. كما أنّ هناك مصدر ثانٍ لعدم المساواة وهذا ينبع من عدم التناسق الاقتصادي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
من عام 1989 إلى عام 2019، سجلّت أعلى نسبة من الأمريكيين 1 في المئة، زيادة في ثروة الأسرة من 27 في المئة إلى 35 في المئة من إجمالي ثروة الأسرة في الولايات المتحدة. وخلال الفترة الزمنية نفسها، شهد المواطنون ممن في الأدنى، وبنسبة 50 في المئة بشكل جماعي انخفاضاً من 4 في المئة إلى 2 في المئة من إجمالي ثروة الأسرة الأمريكية (مكتب الميزانية بالكونغرس).
وبعبارة أخرى، تعاني العائلات في الطبقات الوسطى والمتدنية من ضغوط اقتصادية، والأسوأ من ذلك، أن هذا الضغط هو نتيجة لقوى لا تظهر لهم دائماً – مثل التضخم، التغييرات في قوانين الضرائب التي تكون لصالح فاحشي الثراء، والتمويل غير المتكافئ للمدارس. إذ لا يسعى الحزب الديمقراطي ولا الجمهوري إلى معالجة الآثار القاسية لتأثيرات مثل هذه، والتي تؤثر على الأقل على 50 في المئة من سكان الولايات المتحدة. وهذا يثير التساؤل عما إذا كانت أميركا قد فقدت ديمقراطيتها بالفعل.
في اعتقادي، آخر مرة كانت فيها الولايات المتحدة ديمقراطية في عهد الرئيس جون كينيدي في أوائل الستينيات. في عهد كينيدي، كان هناك اتجاه للإنفاق الحكومي، يبتعد عن شن حروب خارجية والتي من شأنها أن تُفيد النخب، ممن تمتلك المجمع الصناعي العسكري – وتتجه، بالوقت نفسه، نحو زيادة الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية التي تفيد كل من الطبقات العاملة، الوسطى والمتدنيّة.
لكن الآثار المشتركة للتضخم والتغييرات في قوانين الضرائب ونقص تمويل التعليم العام، قوّضت اليوم الجودة التمثيلية للديمقراطية إذ كان من المفترض، أن يستمع المسؤولون المنتخبون إلى احتياجات الأغلبية ويعالجونها.
إنّ هذا التحول بعيد كل البعد عن الديمقراطية التي تمثل احتياجات ورغبات الشعب – ولكّنه يمثل وبشدّة الديمقراطية الجديدة التي تضع مصالح فاحشي الثراء أولاً – وهو علامة واضحة على أن قطار الجودة في الديمقراطية الأمريكية قد غادر منذ فترة طويلة، دون رجعة.
وإذا لم يعد للمرء أن يقول وبسهولة، في أن فكرة الديمقراطية في الولايات المتحدة لم تعد كما كانت.
وتُرى ما الذي يمكن فعله لاستعادة الديمقراطية في الولايات المتحدة وهل هذا ممكن؟.
يختتم الكاتب: “أود أن أؤكد أن الوقت قد حان للمؤسسات غير الربحية لتمويل واختبار نماذج جديدة، تحافظ على ديمقراطية أمريكية جديدة من قبل الشعب ومن أجله، وسيكون مثل هذا النموذج أفضل بكثير من العيش في ظل الشر المزدوج للتمييز العنصري الذي واجهته في محطة الوقود كطالب جامعي في كارولينا الجنوبية، إضافة إلى التفاوت الاقتصادي المتفاقم”.

المصدر: تشاينا ديلي

آخر الأخبار
محافظ درعا يعد بتنفيذ خدمات خربة غزالة الاقتصاد السوري.. المتجدد زمن الإصلاح المالي انطلاق الماراثون البرمجي للصغار واليافعين في اللاذقية محليات دمشق تحتفي بإطلاق فندقين جديدين الثورة - سعاد زاهر: برعاية وزارة السياحة، شهدت العاصمة دم... السفير الفرنسي يزور قلعة حلب.. دبلوماسية التراث وإحياء الذاكرة الحضارية تحضيرات لحملة مكافحة الساد في مستشفى العيون بحلب 317 مدرسة في حمص بحاجة للترميم أردوغان: لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا  من العزلة الى الانفتاح .. العالم يرحب " بسوريا الجديدة" باراك: نتوقع تشكيل حكومة سورية شاملة قبل نهاية العام أهالي قرية جرماتي بريف القرداحة يعانون من انقطاع المياه "الأمم المتحدة" : مليون  سوري عادوا لبلادهم منذ سقوط النظام البائد  "إسرائيل " تواصل مجازرها في غزة.. وتحذيرات من ضم الضفة   "فورين بوليسي": خطاب الرئيس الشرع كان استثنائياً بكل المقاييس  فوز ثمين لليون وبورتو في الدوري الأوروبي برشلونة يخطف فوزاً جديداً في الليغا سلة الأندية العربية.. خسارة قاسية لحمص الفداء  رقم قياسي.. (53) دولة سجّلت اسمها في لائحة الميداليات في مونديال القوى  مع اقتراب موسم قطاف الزيتون.. نصائح عملية لموسم ناجح "جامعة للطيران" في سوريا… الأفق يُفتح بتعاون تركي