الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
إن استضافة ثلاثة اجتماعات دولية ذات وزن ثقيل على التوالي في غضون شهر واحد قد جعلت منطقة جنوب شرق آسيا وحتى القارة بأكملها محور اهتمام المجتمع الدولي.
منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، جذبت التنمية المستقرة والمستدامة الشاملة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ الكثير من الاهتمام في العالم المضطرب. ولكن مثلما لجأت الولايات المتحدة إلى المواجهة والانقسامات الجيوسياسية في الاجتماعات الأخيرة، حاولت دول أخرى خارج المنطقة زيادة تدخلها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وكيفية منع ومقاومة تلك القوى ذات النوايا الشريرة تجاه المنطقة تجذب المزيد من الاهتمام من الدول الآسيوية.
أحد الأسباب المهمة التي دفعت منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى الحفاظ على التنمية والأمن الإيجابي نسبياً على مدى العقود القليلة الماضية هو أنه منذ نهاية الحرب الباردة، اختارت الدول الآسيوية بشكل مستقل مسار تنمية للتعاون المربح للجانبين، بينما توجه الولايات المتحدة الأميركية أنظارها إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصة عندما تتخذ احتواء وقمع الصين كنقطة انطلاق لسلسلة من خططها الإستراتيجية، فإن طريق التعاون الذي أثبت فعاليته في الممارسة العملية في هذه المنطقة يواجه التحديات المتزايدة.
أولاً، تأثر الأساس الاقتصادي للتعاون الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فقد أدى “الفصل” و”السلسلة المكسورة” التي تحاول واشنطن الترويج لها إلى تعطيل سلاسل التصنيع والتوريد الموجودة وتفكيك نظام التشغيل الحالي للعولمة الاقتصادية.
ثانياً، تعرضت آليات التعاون الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لضغوط من قبل المعسكرات السياسية والمجموعات الصغيرة، وقد عززت واشنطن نظام تحالفها العسكري في هذه المنطقة، وأنشأت مجموعات صغيرة متنوعة تستبعد وتستهدف الصين.
ثالثاً، يواجه التركيز في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خطر التحول، وبالنظر إلى رواية منافسة القوى العظمى، التي روجت لها الولايات المتحدة الأميركية بقوة، وكذلك التحالف العسكري الأمريكي المعزز في المنطقة، فإن البيئة السياسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تركز على التنمية الاقتصادية وتحسين معيشة الناس آخذة في التدهور.
للتغلب على التحديات، هناك ثلاثة جوانب تحتاج إلى معالجة، الأول هو مواجهة وإدارة إسقاط القلق الاستراتيجي الأمريكي المفرط بشكل فعال. في ظل التغييرات العميقة التي لم نشهدها منذ قرن من الزمان، تزايد القلق الاستراتيجي للولايات المتحدة بشأن الحفاظ على هيمنتها، وأظهرت سلسلة من الآثار السلبية في التعامل مع العلاقات مع الدول الآسيوية، ولهذا تحتاج هذه الدول إلى العمل معاً لمواجهة العواقب السلبية والحفاظ على الانسجام متعدد الأطراف.
والجانب الثاني، الاستمرار في البحث عن مصالح متقاربة للتعاون الأمني، فمنذ نهاية الحرب الباردة، انخفض خطر الصراع العسكري بين القوى الكبرى بشكل كبير، وتحول الاهتمام الدولي إلى حد كبير إلى المجالات الأمنية غير التقليدية مثل الاقتصاد والتمويل والإرهاب والبيئة والصحة العامة.
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، تم تسييس القضايا الأمنية غير التقليدية بشكل مستمر، وتداخلت مع قضايا الأمن التقليدية وفرضت آثارها، وقد تم التعامل مع بعض القضايا على أنها لعبة محصلتها صفر، حيث يواجه التعاون الأمني الإقليمي وضعاً أكثر تعقيداً وذلك من أجل ضمان إمدادات الغذاء والطاقة، والحفاظ على استقرار السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد، وحماية تطوير البنية التحتية والتقنيات الحيوية.
أما الجانب الثالث فهو مواصلة تدعيم وتقوية آليات التعاون الإقليمي في المنطقة، فإن آلية التعاون الإقليمي التي تتمحور حول الآسيان لا تتمتع بخصائص آسيوية فحسب، بل أثبتت أيضاً أنها تساعد في الحفاظ على تعاون الدول الآسيوية وتقويته، لا يزال هناك مجال لمزيد من التعاون بين الدول الآسيوية، ويمكن أن يكون التعاون الاقتصادي أكثر تكاملاً.
بشكل عام، يمر العالم بفترة جديدة من التغييرات المضطربة، وتواجه التنمية والسلام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تحديات جديدة الآن، بصفتها قوة مهمة في المنطقة، تتحمل الصين مسؤولية المشاركة بشكل استباقي وتشكيل بيئة أمنية مؤاتية للتنمية في المنطقة، والعمل المشترك لبناء وطن أفضل فيها مع سلام دائم وتنمية مستدامة، وتفعيل الدور الإيجابي للصداقة البيئية مع الدول المجاورة.
المصدر: غلوبال تايمز