الثورة – تحقيق عامر ياغي:
إذا كنت من عشاق سباق سيارات السرعة، ولم يسعفك الوقت، أو تتاح لك الفرصة للدخول إلى إحدى الحلبات وحجز مقعد لك لمشاهدة المنافسات “على الهواء مباشرة”، فما عليك إلا التوجه “بين الساعة الثانية عشرة ليلاً والرابعة فجراً إلى أوتوستراد المزة في دمشق، لترى بأم عينك حالات النشاز والرعونة والإزعاج التي يتناوب على ارتكابها بعض أصحاب المركبات “عن سبق إصرار وتصميم” نتيجة طيشهم واستهتارهم، وتتأكد بنفسك من مشاعر السخط والغضب والقلق التي يعيش أدق تفاصيلها يومياً سكان تلك الأحياء والمناطق المجاورة لها.
كابوس يومي مزعج
ما يجري على أوتوستراد المزة بدمشق ليلاً “وتحديداً بين كلية الآداب والمؤسسة العامة للاتصالات، ليس طفرة عابرة أو تصرفاً غير مسؤول من شاب أرعن، وآخر يعاني من خفة العقل، وثالث لا يملك من الحكمة والتبصر في التصرف أي شيء، وإنما أصبح الأمر، ومن دون مبالغة، كابوساً يومياً مزعجاً، لا بل وبشعاً، يؤرق سكان تلك المناطق، كون أبطال قصتنا الهزيلة هذه لا يأخذون بعين الاعتبار أن حالات الشطط التي يمارسونها بأبشع صورها يومياً تلحق الأذى وتتسبب بالضرر، ليس فقط بالنسبة لكبار السن والمرضى والأطفال، وإنما لطلاب الجامعات أيضاً، الذين ضاقوا ذرعاً “مجتمعين” من الخرق الفاضح والفاقع لقانون السير والمركبات وقواعد السلامة والراحة العامة.
كل ما سبق ترك قلقاً وضيقاً شديدين، وما نرويه في هذا التحقيق هو غيض من فيض مما يشعر به السكان من آلام وأوجاع.
أما الشكاوى التي نعرضها هنا، فما هي إلا نزر يسير مما سمعناه، وقطرة في بحر النداءات العاجلة التي وجهها سكان حي المزة “أوتوستراد تحديداً” لأصحاب الشأن في محافظة دمشق، وعلى وجه الخصوص جهاز شرطة المرور، وإصرارهم على ضرورة التحرك وعلى وجه السرعة للضرب بيد من حديد ووضع حد نهائي لهذه الحركات البهلوانية ـ الاستعراضية غير المسؤولة التي كانت ومازالت تفسد عليهم ساعات نومهم وراحتهم ودراستهم، وتحولها إلى لحظات خوف وقلق وتوتر وقرف.
ما يحدث معيب
السيدة “أم خلدون- متقاعدة، مريضة سكر وضغط”، أكدت في حديثها لصحيفة الثورة أن ما يجري يومياً على أوتوستراد المزة معيب بكل ما للكلمة من معنى نتيجة الممارسات اللا مسؤولة، التي يقوم بها مجموعة من الشبان الطائشين الذين لا يقيمون أي وزن لمشاعر وأحاسيس وصحة سكان المنطقة، الذين باتوا، وللأسف، على موعد يومي “ليلي” مع خروج هؤلاء الشباب على قواعد السلامة العامة والصحة العامة والراحة العامة، ودفعهم مكرهين- غاضبين للاستيقاظ مرات ومرات يومياً “في حال كانوا نائمين”، والصدمة تتملكهم نتيجة الأصوات المقرفة التي يتم إصدارها عمداً من محركات وعوادم تلك السيارات التي تم تصميمها “بشكل مخطط ومبرمج” ووضع تجهيزات خاصة لها “للعوادم” لإصدار أصوات مخيفة.
خارج السرب
الطالبة حلا- ثانوية عامة- الفرع العلمي، أشارت إلى أن تعمد بعض الشباب المستهتر والمتهور للتغريد خارج سرب القواعد والأنظمة العامة لقانون السير والمركبات والسلامة والراحة العامة هو واحد من الأسباب الرئيسية والمباشرة التي حالت دون تمكن معظم طلاب الشهادات الإعدادية والثانوية والجامعية وحتى المعاهد والمراحل الانتقالية من التركيز في دراستهم، ولاسيما الذين يفضلون الدراسة الليلية، الذين اضطر قسم لا بأس به منهم للذهاب إلى أقاربهم أو أصدقائهم الذين يقطنون بعيداً عن أوتوستراد المزة لإكمال دراستهم، بعيداً عن حالات الضوضاء والفوضى والضغط التي تعيشها المنطقة يومياً من تشفيط ورعونة في قيادة السيارات.
حلبة صراع
المهندس “أمان .م” أوضح أن أوتوستراد المزة تحول، ومن دون أي مبالغة إلى حلبة صراع غير قانونية للبعض لقيادة مركباتهم ذات السعات والاستطاعات العالية والكبيرة بطريقة متهورة وعنيفة، والقيام بحركات بهلوانية أو استعراضية، مثل الانزلاق بالسيارة “الدريفت أو التفحيط- التشفيط”، ما يعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، عداكم عن أجهزة ومكبرات الصوت والنغمات المخيفة التي يصدرونها من داخل مركباتهم ودراجاتهم النارية “أيضاً”.
المهندس أمان طالب بضرورة تحرك الجهات المعنية في الدولة لإيجاد الحلول الناجعة لحالات القلق والتوتر التي يعاني منها سكان الاوتستراد منذ سنوات، ولا تزال مستمرة معهم حتى يومنا هذا والمتمثلة بالأصوات المزعجة التي تصدر من تلك المركبات والآليات والتي عادة ما يكون مصدرها السيارات والدراجات النارية المزودة بتلك الأجهزة أو المعدلة.
وأوضح أن تلك الدراجات والسيارات تمر في المناطق السكنية ليس فقط بسرعات عالية وحركات جنونية، وإنما تصدر أصوات مقززة ومرعبة، مبيناً أنه رغم القوانين التي تمنع مثل تلك التصرفات والممارسات الخارجة عن القانون بكل تأكيد إلا أن هذه التصرفات الطائشة والممارسات الفجة غير المحمودة العواقب والنتائج أصبحت وللأسف يومية، لا شبه يومية داخل الأحياء السكنية، وعلى الطرق الرئيسية والفرعية المارة بتلك المناطق.
لا تواجد للشرطة
السيدة سعاد، من سكان المزة- أوتستراد، (ربة منزل) قالت: إن ما يحدث اليوم من خروقات لقانون السير والمركبات تطور في الآونة الأخيرة، لدرجة أصبح هناك مجموعات من الأشخاص “ثنائي وجماعي” يظهرون بشكل مفاجئ، وفي فترات متقطعة ومتكررة في الليلة الواحدة، ويقومون بما يقومون به من حركات استعراضية ـ بهلوانية مزعجة ومقلقة، ومن ثم يذهبون، ليعيدوا الكرة بعد نصف ساعة أو ساعة على أبعد تقدير، وهذا الأمر يحتاج وعلى وجه السرعة إلى إجراء اللازم للقضاء على تلك التصرفات وتطبيق القوانين وتغليظ عصا العقوبات على المخالفين.
مصدر في شرطة محافظة دمشق كشف في حديثه الخاص لصحيفة الثورة أن الفترة الممتدة بين الساعة الثانية عشرة ليلاً والسادسة صباحاً لا يتواجد خلالها أي عنصر مرور ولا حتى دورية، باستثناء دورية في ساحة الأمويين، وثانية بالقرب من طلعة الإسكان على أوتوستراد المزة .. أما المسافة الممتدة من طلعة الإسكان وصولاً إلى المؤسسة العامة للاتصالات فلا يكون هناك أي تواجد لشرطي واحد.