الثورة – مها دياب:
في إطار التحضيرات للدورة الثانية والستين لأحد أعرق الفعاليات الاقتصادية والثقافية في المنطقة، تستعد مدينة المعارض في دمشق لاستقبال معرض دمشق الدولي 2025، الذي سينطلق في السابع والعشرين من آب الحالي ويستمر حتى الخامس من أيلول القادم.ويشرف على تنظيم هذا الحدث المؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية، بالتعاون مع وزارات الاقتصاد والثقافة والسياحة، ضمن رؤية وطنية تهدف إلى تعزيز حضور سوريا على الخارطة الإقليمية والدولية من بوابة الإنتاج والانفتاح.وضمن هذا السياق، أعلنت اللجنة المنظمة عن فتح باب التطوع للشباب والشابات الراغبين في المشاركة ضمن فرق التنظيم والإشراف، وذلك في خطوة تهدف إلى تمكينهم من المساهمة الفاعلة في إنجاح هذا الحدث الوطني الكبير.
مشاركة شبابية واسعة
معرض دمشق الدولي، الذي تأسس عام 1954، يعد من أقدم وأهم الفعاليات الاقتصادية والثقافية في العالم العربي، ويشكل منصة استراتيجية لإبراز الإمكانات الوطنية في مختلف القطاعات، من الصناعة والزراعة إلى السياحة والتكنولوجيا، وتأتي دورة هذا العام تحت شعار “من دمشق إلى العالم”، لتجسد إرادة سوريا في العودة القوية إلى واجهة الاقتصاد الإقليمي والدولي، عبر بوابة الانفتاح والتعاون.وانطلاقاً من الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في دفع عجلة الإنتاج وتعزيز التشاركية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، اختتمت اليوم سلسلة من المقابلات التي جرت على مدى أيام في المبنى الرئيسي للمدينة الجامعية في دمشق، لاختيار عدد من المتطوعين للمشاركة ضمن اللجان المشرفة على تنظيم المعرض. وشارك في هذه المقابلات متطوعون من وزارة الثقافة، إلى جانب عدد كبير من الطلاب والطالبات الجامعيين، في خطوة تهدف إلى تمكين الشباب وإشراكهم في الفعاليات الوطنية الكبرى.تأتي هذه المبادرة ضمن توجه وطني يعزز مفهوم العمل التطوعي كأداة للتنمية، ويمنح الشباب فرصة حقيقية للمساهمة في تنظيم حدث وطني بهذا الحجم، بما يتيح لهم اكتساب مهارات عملية في التنظيم والإدارة والتواصل، ويعزز من ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على التأثير.
منصة وطنية للتعافي والانفتاح
يشمل العمل ضمن فريق التنظيم تأمين لباس موحد لجميع المشاركين، وتوفير وسائل النقل من وإلى مدينة المعارض، ومنح شهادات مشاركة رسمية، إلى جانب اعتماد نظام عمل مرن يراعي ظروف المتطوعين ويمنحهم مساحة من الأريحية خلال أيام المعرض.كما يتم توزيع المتطوعين على لجان متعددة تشمل الاستقبال، الإرشاد، التنسيق الإعلامي، الدعم اللوجستي، وتنظيم الفعاليات الثقافية، مما يتيح لكل متطوع أن يعمل ضمن المجال الذي يتناسب مع اهتماماته وقدراته، ويعزز من روح الفريق والتعاون. وتتميز دورة هذا العام بمشاركة واسعة من الشركات المحلية والدولية، بما في ذلك أجنحة مخصصة للزراعة، الصناعة، الحرف اليدوية، والتكنولوجيا، إلى جانب فعاليات ثقافية وفنية متنوعة، كما تستضيف الدورة الجناح السعودي كضيف شرف، في خطوة تعكس عمق العلاقات العربية وتعزز التعاون الاقتصادي المشترك.
ويُنظر إلى المعرض على أنه فرصة استراتيجية لإعادة بناء جسور التعاون مع الأسواق الإقليمية والدولية، ولعرض المنتجات والخدمات السورية أمام جمهور واسع من الزوار والمستثمرين، في ظل جهود وطنية لإعادة تنشيط الاقتصاد المحلي وتعزيز بيئة الأعمال.
نبض سوريا الجديدة
إن مشاركة الشباب في تنظيم هذا الحدث لا تقتصر على الجانب التطوعي، بل تمثل تجربة عملية في التنظيم والإدارة والتواصل، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة للانخراط في الحياة الاقتصادية والسياحية للبلاد. فالمعرض لا يقدم منتجات فقط، بل يعرض رؤية وطنية متكاملة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، ويمنح الشباب فرصة ليكونوا جزءاً من هذا التحول.وتعكس هذه المشاركة إيمان الجهات المنظمة أن الشباب ليسوا مجرد جمهور مستهلك، بل شركاء حقيقيون في صناعة الحدث، وفي رسم ملامح سوريا القادمة، فكل خطوة يخطوها هؤلاء المتطوعون في أروقة مدينة المعارض، وكل مهمة يتولونها، تحمل خلفها قصة شاب أو شابة آمنوا بأن العمل الجماعي هو الطريق نحو وطن أكثر إشراقاً.
شريك فاعل
في زمن تتسابق فيه الدول نحو المستقبل، يثبت الشباب السوري أنهم ليسوا مجرد جمهور مستهلك، بل شركاء فاعلون في صناعة الحدث، وفي رسم ملامح سوريا القادمة.. إن مشاركتهم في تنظيم معرض دمشق الدولي تعكس تحولاً نوعيا في النظرة إلى دورهم، من متلقين إلى صانعين، ومن هامش العمل إلى قلبه النابض.هذا المعرض لا يمثل فقط فعالية اقتصادية أو ثقافية، بل هو مساحة حقيقية للتلاقي بين الأجيال، بين الخبرات والطموحات، وبين الماضي الذي صاغ هوية سوريا، والحاضر الذي يعيد بناءها، والمستقبل الذي يطمح إليه أبناؤها.ومن خلال إشراك الشباب في تفاصيل التنظيم، تُرسل رسالة واضحة بأن سوريا الجديدة تُبنى بسواعد أبنائها، وبعقولهم، وبإيمانهم بقدرتهم على التغيير.
دمشق بوابة الشرق
إن معرض دمشق الدولي، في دورته الثانية والستين، لا يفتح أبوابه أمام الزوار فحسب، بل يفتح نوافذ الأمل أمام جيل كامل يبحث عن فرصته في المساهمة، في التعبير، وفي إثبات الذات.. فكل بطاقة دخول، وكل جناح يفتتح، وكل فعالية تنظم، تحمل خلفها قصة شاب أو شابة آمنوا بأهمية العمل الجماعي.ومع كل خطوة يخطوها هؤلاء المتطوعون في أروقة مدينة المعارض، تتجدد الثقة أن سوريا، رغم كل التحديات، قادرة على النهوض، وقادرة على أن تكون منارة للثقافة والإنتاج والانفتاح.. فدمشق، التي لطالما كانت بوابة الشرق، تعود اليوم لتقول للعالم: نحن هنا، بشبابنا، بإرادتنا، وبحلم لا ينكسر.