إجازتان في اللغة العربية والشريعة وتمارس هوايات متعددة.. خديجة طباشة.. كفيفة البصر حققت ما عجز عنه المبصرون
الثورة – جهاد الزعبي:
صاحبة العقل النير.. قارعت المبصرين ببصيرتها الفذة، وقهرت الظلمة التي غطت مقلتيها بعقلها النّير، وسارت في دروب العلم لتحصل على أعلى الشهادات، فكان لها ما أرادت، وشقت طريقها بالعلم والتصميم، وسعت إلى بناء نفسها بكل عزيمة، وواجهة جميع الظروف المحبطة بعزيمة المنتصر.
بالتصميم والإرادة
الكفيفة خديجة طباشة.. الموظفة في مديرية تربية درعا، حدثتنا عن بداية إعاقتها وتحديها لها بدراستها وتفوقها، قائلة: كان إصراري على متابعة العلم ممزوجاً بالأمل الذي تحديت به الفقر والعوز، وتجاوزت الأقدار أن أكون كفيفة البصر منذ ولادتي، فواجهت الواقع، وشققت طريقي ببصيرة مضاءة بالعلم والتصميم، وسعيت إلى بناء ذاتي، واخترت مواجهة جميع الظروف المحيطة بي بقوة الإرادة؛ فحزت حب واحترام الجميع، وعلقت شهاداتي في اللغة العربية وساماً أفتخر به، ولم يمنعني فقداني للبصرعن إكمال دراستي ومتابعة حياتي كشخص منتج في هذا المجتمع”.
تفوقت على المبصرين
تتابع حديثها: أصبحت فرداً لا يختلف عن المبصرين بشيء، وهذا لم يشعرني بالنقص، ولم يكن لدي شعور مختلف عن الآخرين، وبرأيي اختلاط المكفوف مع المبصر يزيد من شجاعته وثقته بنفسه، ويرفع من معنوياته لمواجهة أمورالحياة بعزيمة وإصرار.. فتمكنت من اكتشاف مهارات، بدءاً من سرعة حساب الأرقام، والفطنة وسرعة إعراب الكلمات بعد سماعها.انسجمت مع مدارس المبصرين، وتفوقت عليهم، وبهذا المجال تقول: أصبحت فرداً لا يختلف عن المبصرين بشيء، وهذا لم يشعرني بالنقص، ولم يكن لدي شعور مختلف عن الآخرين، وبرأيي اختلاط المكفوف مع المبصر يزيد من شجاعته وثقته بنفسه، ويرفع من معنوياته لمواجهة أمور الحياة بعزيمة وإصرار.
فتمكنت من اكتشاف مهارات، بدءاً من سرعة حساب الأرقام، والفطنة وسرعة إعراب الكلمات بعد سماعها».
اللغة العربية والشريعة
وحول متابعة تعليمها ودراستها قالت: درست في مدارس المكفوفين بـدمشق، وتحديداً في مدرسة داخلية تعلم لغة “البرايل” عبر منهاج نظامي بطريقة اللمس، وحصلت على الشهادة الثانوية الفرع الأدبي، والتحقت بعدها بجامعة دمشق، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، وحصلت فيها على شهادة اللغة العربية، ثم عدت وتقدمت لامتحان الشهادة الثانوية الفرع الأدبي، والتحقت بكلية الشريعة، وتخرجت فيها، بعدها عملت موظفة مؤقتة في مديرية صحة “درعا” كعاملة مقسم، وانتقلت بعدها إلى مديرية التربية لأشغل منصب معاونة رئيس قسم النسخ.
مواهب متعددة
لم تكتفِ خديجة بالحصول على الشهادات الجامعية، فقد مارست مواهب متعددة، وقالت: لدي العديد من المواهب في الموسيقا، والرياضة، والغناء، وشاركت مع عدة فرق موسيقية، آخرها فرقة “التسامح والعطاء” في نادي “كبار السن” التابع لدائرة “العلاقات المسكونية والتنمية”، وحرصت على إحياء الحفلات في المناسبات الوطنية في المحافظة، وشاركت في حفل أقيم في “اللاذقية”، وأحيته جمعية “رعاية المكفوفين”، ومارست الرياضة وشاركت في مسابقات ألعاب القوى والشطرنج على المستوى الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الهمم، وأجيد العزف على آلة العود”.
مدربة
وقالت: إضافة إلى عملي في مديرية تربية درعا، أقوم بتعليم المكفوفين الكتابة بطريقة “البرايل” في جمعية “البر”، وأمارس حياتي العادية عبر استخدام الهاتف المحمول، وجهاز الحاسوب الشخصي من دون مساعدة أحد، وقمت بتحميل برنامج خاص بالمكفوفين على أجهزتي يسمح لي باستخدام التقنيات بكل بساطة، بالمقابل قمت بتوزيع هذا البرنامج على المحال التي تبيع أجهزة الهاتف المحمول ليتم استخدامه من قبل الآخرين، وأتعامل مع أي جهاز عن طريق البرامج الناطقة.
شهادات حية
مدير فرقة نادي “العطاء والتسامح” التابع للكنيسة بدرعا عبير الأسعد، وصفت خديجة بأنها جوهرة مضيئة، تشع إرادة، ولم تتأثر جراء واقعها وفقدانها للبصر، وهي تحتاج إلى رعاية واهتمام بصورة أكبر تتوافق مع ما تمتلكه من مهارات، فهي تمتلك ملكات في كثير من المجالات، ولديها بصيرة لا يملكها المبصرون، إضافة إلى أنها تمتلك رهافة حس قوية، نشعر بها من خلال كتابتها للقصة والشعر، صاحبة الروح المرحة تتعامل مع الجميع بلطف، ولديها صوت دافئ وحنون، يأخذنا إلى عالم آخر من الرومانسية والطرب والمحبة.
خديجة طباشة.. صاحبة القلب الطيب والعقل النير هي من مواليد مدينة درعا، عام 1978.