الثورة- منهل إبراهيم:
يبدو أن إعلان نيويورك الهادف إلى إحياء حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جعل إسرائيل أكثر عزلة في الآونة الأخيرة من أي وقت مضى في المجتمع الدولي، ومع ذلك ستظل جميع الإعلانات والوعود فارغة في معظمها، مادام تدمير غزة وتجويع شعبها مستمر بشكل مرعب وهستيري.
وقالت أستاذة القانون والشؤون الدولية في جامعة نورث إيسترن زينايدا ميلر، في مقال لها في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان “وعد إقامة دولة فلسطينية يفتقد للمصداقية”: “إن فرنسا وبريطانيا وكندا كشفت عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، في وقت تفتك فيه المجاعة بقطاع غزة، مشيرة إلى أن رد إسرائيل والولايات المتحدة على الخطوة “مقلق”، بعد أن قال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن القرار بمثابة “مكافأة” لحماس، فيما أدان مسؤولون أميركيون الخطوة”.
وتؤكد قنوات إعلام غربية أن موجة الاعترافات الجديدة ستشكل تأكيداً واضحاً على الاستقلال السياسي الفلسطيني ووحدة الأراضي الفلسطينية، وهذا أمر ليس هين، بعد عقود من الغموض الدبلوماسي والانتهاك الإسرائيلي لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
ورأت “نيويورك تايمز” أن “الخطوة قد تمنح المدافعين عن حقوق الفلسطينيين مزيداً من القوة لدفع حكوماتهم إلى الالتزام بالقانون الدولي فيما يخص إسرائيل”، وقالت الصحيفة: إن انضمام 3 قوى غربية، هم حلفاء رئيسيون لإسرائيل، إلى 147 دولة تعترف بدولة فلسطين “خطوة كبيرة”، وستصبح الولايات المتحدة “أكثر عزلة” بصفتها الداعم الرئيسي لإسرائيل.غير أنها قالت: إن خطوة الاعتراف “متأخرة ومحدودة جداً” ورد “غير كافٍ على المجاعة في غزة”، وانتقدت الكاتبة ميلر على صفحات نيويورك تايمز ربط الاعتراف بشروط، لافتة إلى أن إسرائيل، رغم الإجماع، بـ “ارتكابها جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان، إلا أنها تواجه قيوداً أو شروطاً قليلة على المليارات التي تتلقاها كمساعدات عسكرية”.كما قالت ميلر: إن إعلان نيويورك الهادف إلى إحياء حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، “جعل إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى في المجتمع الدولي”، وإن الإعلان “يُبرز حقيقة أن لعبة السيادة تُدار وفق قواعد مختلفة بحسب الأطراف، إذ تُفرض مطالب تكنوقراطية ومؤسساتية على شعب تدمّر بنيته التحتية وسكانه بشكل ممنهج، في حين تُوجَّه مطالب أقل بكثير إلى من يقودون هذا التدمير”، مضيفة “يُتوقع من الفلسطينيين أن يرفضوا العنف، والالتزام بدولة منزوعة السلاح، والمحافظة على نظام أمني يخدم جميع الأطراف، وإجراء انتخابات وتطوير حكم رشيد وشفافية واستدامة مالية” بحسب ما نقلت الكتابة.
في المقابل، “يطلب من إسرائيل فقط الالتزام بالقواعد الأساسية للقانون الدولي، والإعلان عن دعمها لحل الدولتين، وسحب قواتها من غزة” وفق وصف ميلر، وأشارت الكاتبة إلى “الالتزام الفلسطيني بعملية السلام وحل الدولتين منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، لكن السيادة الفلسطينية ظلت بعيدة المنال واستمر الاحتلال”، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن الاعتراف بدولة فلسطينية سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات- حظر الأسلحة والعقوبات وإنفاذ القانون الدولي- فإنه سيظل وعداً فارغاً في معظمه، يهدف بالأساس إلى صرف الانتباه عن التواطؤ الغربي في تدمير غزة”.ويقول طبيب وناشط بريطاني: إن ما شاهده في غزة يتجاوز أي تصور إنساني أو طبي، واصفاً ما يجري على يد الاحتلال بأنها “إبادة جماعية مكتملة الأركان”.
وأكد الطبيب نك ماينارد، المتخصص في جراحة الجهاز الهضمي العلوي والأورام في مستشفى جامعة أوكسفورد، أن البنية التحتية الصحية في غزة لم تتعرض لقصف عشوائي، بل تتعرض لتدمير ممنهج ومقصود، حيث تم استهداف المستشفيات الكبرى بشكل مباشر، ثم اقتحامها وتفكيك تجهيزاتها الحيوية.