الثورة- منذر عيد
تواصل سوريا تحقيق المكاسب السياسية والدبلوماسية، في ظل تغيرات متسارعة في المشهد الدولي، أكدت أن نهجها الثابت، القائم على السيادة والاستقلال ورفض التدخلات، بدأ يثمر على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية.
ففي خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً في السياسة الأميركية تجاه سوريا، دفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب باتجاه رفع العقوبات الأممية المفروضة على السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، وذلك من خلال توزيع مشروع قرار على فرنسا والمملكة المتحدة يدعو إلى حذف اسميهما من قائمة الأمم المتحدة المرتبطة بمكافحة الإرهاب.
ويأتي هذا التطور في سياق مراجعة شاملة تجريها الإدارة الأميركية لسياساتها الخاطئة تجاه سوريا، بعد أن أثبتت الدولة السورية قدرتها على الصمود والانتصار على الإرهاب، وإعادة الأمن والاستقرار إلى معظم أراضيها، رغم محاولات الحصار والتجويع والعقوبات الاقتصادية الجائرة التي فُرضت على شعبها. إشارة ترامب الأقوى تجاه سوريا، جاءت في الأول من تموز الماضي، حين وُقع أمرٌ تنفيذيٌ بإنهاء العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، وهو ما اعتبره محللون تمهيداً لإعادة دمشق إلى الدورة الاقتصادية العالمية، وتشجيعاً للاستثمارات الدولية في إعادة إعمار سوريا بعد سنوات الحرب، وبما يشير بوضوح إلى تغير حقيقي في النظرة الأميركية تجاه الدولة السورية، وإدراك متأخر بأن سوريا دولة محورية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية سياسية أو اقتصادية على مستوى المنطقة.
هذا التحول يأتي نتيجة ثبات القيادة السورية على المبادئ الوطنية، ورفضها المساومة على السيادة والاستقلال، وهو ما جعلها تحظى باحترام عدد متزايد من الدول، التي بدأت تعيد علاقاتها مع دمشق، سياسياً واقتصادياً، في إطار من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما يعكس التحرك الأميركي فشل سياسات الحصار والعقوبات في التأثير على القرار الوطني السوري، بل زاد السوريين إصراراً على المضي بمعركة البناء وإعادة الإعمار، واستعادة دور سوريا الطبيعي عربياً ودولياً.
المؤشرات الحالية توحي بأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من الانفتاح الدولي على دمشق، خاصة في ضوء المتغيرات الجيوسياسية الراهنة، وحاجة العالم إلى شراكات قائمة على الاحترام المتبادل ومكافحة الإرهاب، وهي المبادئ التي تدافع عنها سوريا الجديدة في المحافل الدولية.
ويبقى الأمل أن تُقابل هذه الخطوات بإرادة سياسية حقيقية من الأطراف الدولية، تدفع باتجاه رفع شامل وكامل للعقوبات، وعودة سوريا إلى مكانها الطبيعي في المؤسسات الدولية، كشريك أساسي في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.