الثورة – جهاد اصطيف:
وسط التحديات المتراكمة التي تعاني منها الأحياء الشرقية في مدينة حلب، تواصل مؤسسة المياه جهودها لإصلاح الأعطال وتأمين مياه الشرب للمواطنين، في مشهد يعكس إصراراً حقيقياً على استعادة الخدمات الأساسية في المناطق التي أنهكتها الحرب وغياب البنى التحتية.
ففي حي بعيدين، الذي يشهد عودة متسارعة للأهالي بعد سنوات من التهجير، تنفذ المؤسسة العامة لمياه الشرب حالياً “ربطة” دعم بطول 170 متراً، بهدف تحسين وصول المياه إلى الحي والتخفيف من المعاناة اليومية التي يعيشها السكان في سبيل تأمين هذه المادة الحيوية.
عبء ثقيل
المختار أحمد الأحمد الزلخة، تحدث لـ”الثورة” عن معاناة سكان الحي مع تأمين المياه مبيناً أن المشكلة بدأت تتفاقم بعد عودة عدد كبير من الأهالي إلى منازلهم، في وقت كانت فيه شبكات المياه متهالكة وغير قادرة على تلبية الطلب المتزايد، ويضطر المواطن لشراء صهريج مياه سعة 1000 ليتر بأكثر من 70 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يحتمله دخل الأسرة المحدود، ولاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأضاف: تواصلنا مباشرة مع مؤسسة المياه التي استجابت مشكورة، وأُقر تنفيذ خط داعم لتحسين ضخ المياه، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الأهالي وخفف جزءاً كبيراً من معاناتهم اليومية.
وأمل المختار بأن تكون هذه “الربطة” بداية لخطة شاملة لتحسين الواقع الخدمي في حي بعيدين، الذي دفع فاتورة كبيرة في سنوات الحرب، ويستحق الآن أن يعود للحياة بقوة وثبات.
كشف دوري
بدوره، أوضح رئيس دائرة الشبكات في المؤسسة العامة لمياه الشرب بحلب، المهندس سامر حرصوني، أن ورشات المؤسسة تعمل على مدار الساعة، بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف، من أجل إجراء عمليات كشف دوري على الشبكات في أحياء المدينة، والقيام بأعمال الصيانة اللازمة وإيقاف التعديات التي تتسبب بهدر المياه.
وأوضح أنه نتيجة ارتفاع الكثافة السكانية في حي بعيدين بعد عودة المهجرين، ظهرت الحاجة لربط الحي بخط داعم لضمان وصول المياه إلى كافة النقاط، وخصوصاً تلك الواقعة في الأماكن المرتفعة أو البعيدة عن مصادر التغذية الأساسية.
وأكد أن الأعمال بشكل عام تشمل: إصلاح التسريبات القديمة في الخطوط الفرعية، وإزالة التعديات غير المشروعة على الشبكة، وإعادة تأهيل بعض خطوط النقل التي تعرضت للتلف خلال السنوات الماضية، وتنفيذ وصلات جديدة لتحسين التوزيع الأفقي للمياه ضمن الأحياء، ومنها حي بعيدين.
يحتاج دعماً أكبر
على الرغم من الجهود المبذولة، لا يزال الواقع الخدمي في حي بعيدين، يعاني من نقص في الخدمات الأساسية الأخرى، ولاسيما في قطاعات الكهرباء والطرقات والصرف الصحي.
يقول المواطن أبو محمد، أحد سكان الحي: نحن نقدّر الجهود الحكومية، ولكن نحتاج إلى نظرة شاملة للبنية التحتية بالكامل، فالطرقات محفرة، ولا يوجد صرف صحي مناسب، والخدمات الأخرى لا تزال غير مستقرة.
ويشاركه الرأي المواطن كمال، الذي أضاف: عودة الحياة إلى بعيدين تحتاج إلى تكامل الجهود بين كافة المؤسسات، المياه عنصر أساسي، ولكن لا يكفي وحده، نحتاج إلى خدمات صحية وتعليمية أيضاً.
دعوات لتعزيز التنسيق
في ظل هذه الجهود، دعا عدد من الأهالي إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الخدمية والمنظمات الدولية، وتفعيل مبدأ المشاركة المجتمعية، بما يسهم في تسريع وتيرة العمل وتحقيق الاستدامة في المشاريع المنفذة. هذا، وتشكل مشاريع ربط ودعم شبكات المياه في حلب، وتحديداً في حي بعيدين، خطوة إيجابية نحو التخفيف من معاناة السكان، لكنها تبقى بحاجة إلى رؤية تكاملية، تشمل كل القطاعات لضمان عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة، وطي صفحة الألم التي عاشتها لسنوات.