الثورة- عبد الحميد غانم:
الزيارة المهمة التي قام بها وفد جمهورية بيلاروس لدمشق برئاسة رئيس وزرائها واللقاءات والمباحثات الناجحة التي أجراها، وفي مقدمتها مع السيد الرئيس بشار الأسد تأتي أهميتها ليس لجهة الاتفاقات الثنائية التي تمّ توقيعها بين البلدين فقط، وإنما أيضاً من أجل البحث في مجالاتٍ محددةٍ للتعاون والانطلاق بها بشكلٍ عملي وتحقيق خرقٍ فيها، والتحرك إلى الأمام بالعلاقات وإقامة مشروعات استثماريةٍ مشتركةٍ تعود بالنفع والفائدة المرجوة على البلدين وشعبيهما الصديقين وأنّ مجالات التعاون مع سورية غير محدودة كما أكدت الزيارة.
وكذلك تفتح الزيارة آفاقاً رحبة من التعاون بين البلدين الصديقين التي تربطهما أوضاع وظروف واستهدافات مشتركة وعلاقات نضال واحدة في مواجهة الهيمنة والتسلط الأميركي الغربي، وأن المعركة التي يخوضها البلدان هي معركة واحدة، خاصة في وقوفهما بصمود وقوة عبر عقود بوجه المشروع الغربي من حصار وضغوط إلى جانب مجموعة الأصدقاء الآخرين في خندق المقاومة والمواجهة.
لقد وقفت بيلاروس مع الحلفاء والأصدقاء الآخرين إلى جانب سورية في مواجهة الحرب الإرهابية التي تتعرض لها من خلال مواقفها الثابتة تجاه وحدة الأراضي السورية وسيادتها، ودعمها لصمود الشعب السوري.
وجاءت الزيارة كما هي عادة الأصدقاء لتجدد وقوفها إلى جانب سورية وتؤكد أنّ المؤسسات في بيلاروس انتهت من تجهيز ملفاتٍ تتعلق بإقامة عدد من المشروعات الثنائية وتبادل المنتجات التي تلبي حاجات الشعبين، وتطلّعهما لاستمرار اللقاءات بين المؤسسات في كلا البلدين من أجل توسيع قطاعات العمل وإعادة تفعيل المشاريع المشتركة.
أهمية الزيارة أيضاً، أنها تتزامن مع تحديات يواجهها البلدان والعالم في هذه الأيام، إذ يشهد أكبر تحولات منذ الحرب العالمية الثانية، وفي وقت يتطلب فيه تعزيز التكتلات بين الأصدقاء، وتتشكل فيه اتحادات وأحلاف جديدة بين الدول التي تنتهج سياسات مستقلة عن الغرب، وتتصاعد فيه أيضاً الحملة الغربية التي يتعرض لها البلدان ضد سورية وكذلك بيلاروس، كان هدفها تعطيل الحياة الإنسانية والاقتصادية في البلدين وتدهور الظروف المعيشية وإيقاف المنشآت الاقتصادية فيهما، هذا عدا عن الحرب النفسية والدعاية الإعلامية للتأثير على الناس. استهداف سورية هو نتيجة لموقعها الجيوسياسي ولامتلاكها الكثير من المقومات والثروات والمحاصيل الزراعية وقرارها المستقل ودورها الحيوي الحضاري ما يزيد من أطماع أميركا والغرب، وكذلك بيلاروس مستهدفةٌ بسبب موقعها الاستراتيجي في قلب أوروبا واستقلالية قرارها وسياساتها.
إن الغرب يعيش على الأزمات والحروب باعتبارها البيئة الحاضنة لسياساته العدوانية، وهو ينتهج سياسة شن الحروب حتى يستطيع الاستمرار لأنّه إذا توقفت هذه الحروب فسوف تتفكك منظومة الهيمنة.
وكما فشل الغرب وأميركا في السابق سيفشل اليوم في تحقيق أهدافه عبر هذه السياسة، وخير شاهد على ذلك ما تحقق من انتكاسات للمشروع الأميركي الغربي في العديد من الدول مثل سورية وروسيا وبيلاروس، وهم يجربون كل الوسائل والأدوات فانتقلوا إلى الحروب الاقتصادية، لذلك فإنّ الأهمية اليوم تتطلب توحيد الجهود بين الدول الصديقة من أجل مواجهة هذه الحروب، إضافة إلى إقامة شبكة علاقات اقتصادية مع الدول التي تمتلك المبادئ والقيم نفسها وعندها الغرب سيصبح معزولاً.