في طريق وصولي لعملي وخلال أيام قليلة زادت بشكل كبير حالات الازدحام على إحدى محطات المحروقات ساعات الانتظار الطويلة التي يكابدها أصحاب السيارات على ثقلها بهذا البرد يمكن التعامل معها، ولكن أن يتجاوز عدد السيارات المعاكسة لتلك الواقفة على الدور وأخذ دور مواطن آخر فقط لأن سائق فلان أو نوع وفخامة سيارته وما دفعه من رشوة لأصحاب المحطة كرت عبور للتعبئة بشكل سريع فهذا هو ما يستفز الناس ويجعلهم لا يقدرون فعلاً الظروف الصعبة.
لم تكن مشاهد الازدحام تلك وتأخر وصول رسائل التعبئة واشتعال أسعار المادة في السوق السوداء إلا مقدمات أو سيناريوهات تفيد بأن أزمة قاسية أخرى قادمة وتأمين المحروقات ولاسيما مازوت التدفئة بات حلماً لأغلبية الأسر التي لم تحصل حتى على الخمسين ليتراً من الدفعة الثانية من العام الماضي وعلى الجميع شد الأحزمة لآخر حد والعمل على الاستعانة بكل الأغطية والبطانيات للحصول على بعض التدفئة في هذا الشتاء البارد.
اليوم ومع الوضع القاسي المعروف بقلة المادة بسبب العقوبات والحصار الظالم على شعبنا لابد لمؤسساتنا ألا تسمح لأيادي الفساد بالعمل بحرية وبمساحات واسعة بهذه المادة الاستراتيجية وخاصة أننا نعلم حجم المعاناة التي تواجهها الدولة وخزينتها من القطع الأجنبي لضمان استمرار توريد المادة ومعها استمرار عمل قطاعات إنتاجية وخدمية عرقلتها مع كل ما يعترضها من صعوبات يعني مزيداً من تراجع الإنتاج وقلة توافر السلع والمواد والتوجه نحو الاستيراد وبالمحصلة غليان أسعار لا يكاد يهدأ في الأسواق.
تتفهم أغلبية المواطنين ما يمارس من ضغط اقتصادي على البلد للنيل من قوته واستقلال قراره السياسي وحجم المعاناة لتأمين الاحتياجات الأساسية ولاسيما المحروقات ولكن أبداً لا يمكن تقبل ألا يكون في جعبة الجهات المعنية حلول ضمن المتاح والعمل على عدم السماح لتجار وسماسرة سوق المحروقات لممارسة عمليات الاحتكار والتلاعب بالأسعار وتحويل كميات كبيرة من البنزين أو المازوت المدعوم للسوق السوداء عبر هؤلاء بكل يسر والكميات المهدورة هنا كبيرة جداً ما يعني بالمحصلة أن المحاسبة لا تزال خجولة.