الثورة – تحليل لميس عودة:
لأن صناعة الموت وتهديد الأمن والسلم العالميين، أكسير حياة الإدارات الأمريكية وذخيرة إرهابها لتبقى صخرة سطوتها وتسلطها تجثم على أنفاس الدول، تلهث واشنطن في مضمار إبقاء الخريطة الدولية على صفيح من بارود متفجر في مساعيها للهيمنة وتمدد النفوذ العدواني، لذلك لم تشذ إدارة جو بايدن عن قاعدة نفث السموم وتوتير الأجواء، ولم تحمل مطافئ تبريد للملفات العالمية الساخنة.
فإشعال الأزمات بعيدان ثقاب استفزازاتها والنفخ في جمرات الفتن وافتعال الحروب بين الدول ونهب وسرقة مقدرات الشعوب بلصوصية قطاع الطرق الدوليين، وحصار وتهديد الأمن الاستراتيجي للصين الصاعدة إلى القطبية بقوة تفوقها النوعي العسكري والاقتصادي، وتمكنها الفريد، وبشبكة تحالفاتها المتينة التي مدتها على اتساع الرقعة العالمية، أصبح هاجس الذعر الذي يؤرق أركان الحروب الأميركيين.
فما معنى إعلان وزير الحرب الأميركي لويد اوستن أمام منتدى ريغان للدفاع الوطني أن بلاده تؤسس لإيجاد قوة عسكرية أشد فتكا وشمولية في منطقة المحيطين الهندي والهادي بعد أن زودت سابقا استراليا بقاذفات نووية، وما مغزى كلامه بأن “البنتاغون يصب تركيزه على المحيطين الهندي والهادي ليكونا المسرح الرئيسي للعمليات، وذلك يشمل تعزيز القدرة على تعبئة القوات بسرعة أكبر والاستثمار في البناء العسكري واللوجستيات”، ألا يعد ذلك تصعيدا خطيرا مغلفا بسوء النيات الأميركية تجاه الصين ومحشو بديناميت الاستفزاز وزعزعة الاستقرار.
تستنسخ واشنطن في نزوعها للشرور وفرض السطوة سيناريوهات الحماقات المدمرة ذاتها وترتكب الآثام إياها التي ارتكبتها في تفجير أزمة أوكرانيا بضغطها على زناد الاستفزاز لموسكو، وذلك في استماتتها العبثية لإزاحة الصين عن مشهد القطبية لا يهمها التبعات الكارثية وارتداداتها عليها وعلى العالم أجمع طالما أن تورم الهيمنة والاستئثار بالتفرد القطبي بات المسيطر على ذهنية أركان حروبها السياسيين والعسكريين ما يجعلهم يفتحون أبواب العبث التخريبي المدمر على مصراعيها.
في خضم هذا الجنون الهستيري التي تضبط واشنطن على إيقاعه أنفاس العالم، تبدو الحاجة الراهنة أكثر من أي وقت مضى إلى وجود قوى عالمية متمكنة ومتزنة تقود دفة العلاقات الدولية إلى بر الاستقرار وتحترم سيادة الدول وخياراتها الوطنية، تعدل اعوجاج الميزان العالمي، وتزيح عن كاهل الشعوب أعباء السطوة الهدامة التي ينتهجها قاطنو البيت الأبيض، الأمر الذي تخشاه واشنطن وتستميت لمنع حدوثه، لكنه حاصل بحكم المتغيرات الدولية المفرودة على طاولة الأحداث، ولو كرهت أميركا وصبت كل ما في جعب إرهابها من زيوت حروب وفتن.
