ماذا لو كانت ترجمة عبارة هيغل “الحب هو الوعي بوحدتي مع الآخر” هي “الوعي باتحادي مع الآخر”..؟
لطالما فسر بعضهم الأولى بما يؤدي إلى الثانية..
وبين (وحدتي) و(اتحادي) تُقام معانٍ كثيرة يُبنى عليها الفرق أو الالتقاء بين المقصدين.
“وحدتي مع الآخر”..
انغرست تلك العبارة في رأسها..
وعادت للتفكير فيها في صباح شتوي قررت خلاله أن يومها ذاك هو للاتحاد مع الآخر.. ولا سبيل لأي نوع من الوحدة بمعنى العزلة أو حتى للاختلاء مع الذات..
الاتحاد الذي يوصلها (للآخر)..
وهذا (الآخر) بدوره سيُعيدها (لذاتها) أجمل وأفضل مما كانت.
عجولة هي باكتشاف نفسها من خلاله..
لا ليست عجولة.. بل حضوره هو تحديداً، يدفعها لتكتشف أشياء كثيرة، ما يجعلها تحيا تجدّداً لا يهدأ.
أفكارها التي تتناسل سريعاً تجعلها لاهثةً للحاق بها.. كما تفاصيل يومياتها تماماً، تلهث جرياً وراء انشغالات تجعل محصلة نهارها مزيداً من الشعور بأننا مستهلكون ومستنزفون (بلا ولا شيء)..
ووحدَه شعور الامتلاء من خلال الحبّ ما يشحن لحظاتها دفئاً..
ولهذا قرأت عبارة هيغل على هواها “الحبّ هو الوعي باتحادي مع الآخر”..
أصبحت ذات خبرة لابأس بها بإنشاء طرق الاتحاد معه..
بكل الوسائل ومختلف السبل مهما تصاعد حضور الصعوبات..
حتى لو كان اتحاداً عبر البعد..
فالبعد مقياس ندرك من خلاله شدة نفاذ الآخر إلى دواخلنا واختراقه عزلتنا، حتى في لحظات غيابه..
ولهذا يبدو ضرورياً، لا يعكر ولا يفسد ضرورة الوعي (بوحدتي/اتحادي مع الآخر).
مع (الآخر)، تدرك أهمية وحدتها معه كأنها مع ذاتها.. وبالتالي تعود لترتد إلى كينونتها بطعم حضوره وأثر بصماته على حنايا روحها.. وكما لو أنه يرمّم ثغراتٍ معنوية غير ملحوظة.
وبينما تسير إلى حيث (الحب هو الوعي بوحدتها مع الآخر)، تكتشف كم أصبح التواصل معه أو لقاؤه باهظاً بلغة الحياة اليومية التي نحياها.. والتي تكاد تفقدها وعيها بوحدتها، أو اتحادها..
لا يهم الآن أي شيء سوى الوعي بتفاصيل التنقل والمواصلات التي هدمت خيالاتها عن لقائها بالآخر وفوتت فرصة وحدتها/اتحادها معه.